يقول تولستوي :
على الإنسان أن يكون رحيماً ، لأن الرحمة تجمع
بين البشر ؛ و أن يكون أديباً ، لأن الأدب يوحد القلوب المتنافرة .
الرحمة هي عبارة عن الانفعالات ،والعواطف التي تبدو على الشخص بظواهرها .
اهتمت جميع الأديان بالأخلاق والفضائل الحميدة ودعت للتحلي بها، كفضيلة الكرم والصدق والأمانة والتسامح والرحمة وغيرها من مكارم الأخلاق .
الفضائل تجلب للنفس الطمأنينة والسلام…
وقد بينت الدراسات العلمية الآثار الإيجابية للتحلي بهذه الصفات على صحة الفرد ونفسيته؛ وبالتالي عطاؤه للمجتمع الذي يعيش فيه .
الرحمة صفة من صفات الله سبحانه وتعالى .
ولعل أهمية الرحمة تنبع ممّا وصف الله تعالى به نفسه؛ حيث ذكر نفسه بالرحمة في أكثر من آية قرآنيّة،يقول الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله: ((وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا ! مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً)).
و هي تعني الجنة أيضاً
كما في قوله تعالى: ((أولئك يرجون رحمة الله)).
الرحمة بمعنى النبوة :
حيث خص الله سبحانه وتعالى رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم بالنبوة والرسالة
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.
الرحمة في معاني القرآن: المطر.
النعمة والرزق.
النصر والعافية والخير. العفو والمغفرة.
المودة والعطف. العصمة من اقتراف السيئات. الثواب والأجر. استجابة الدعاء.
و في الإسلام :
أمر الدين الإسلاميّ الحنيف بالرحمة، وقرن الرحمة بالإيمان، حيث جعل الرحمة من دلائل الإيمان الكامل ،كما حذر من قسوة القلوب .
تتعدد معاني الرحمة، و جميع المعاني تحمل الخير، والنفع الذي يعود على الإنسان في دنياه وآخرته فهي وتعني الرقة، والعطف، والرأفة .
و قد أوصى الإسلام برحمة مجموعة من الفئات التي تحتاج المزيد من الرحمة والرعاية، ولعل أهمها:
ذوي اقربى، واليتامى، والمرضى، والخدم، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الرحمة في الإسلام لا تقتصر على البشر، وإنما تتعداهم إلى الرحمة بالحيوانات، فقد يدخل الإنسان النار نتيجة الإساءة إلى حيوان أو دابة ما،حيث يقول الحديث النبويّ الشريف: (( دخلَتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها ، فلم تَطعَمْها ، ولم تَدَعْها تأكلُ من خَشاشِ الأرضِ))..
علينا أن نتصف بالرحمة لأنها خلق و علينا الرأفة والرفق واللين في التعامل مع الكائنات التي يعيش معها الإنسان سواء كانت بشراً أم حيوانات .
لا ننسى أن الرسالات السماوية قاطبة حضت على التعامل والاتصاف بهذا الخلق الجميلن لما له من آثار إيجابية على الفرد والمجتمع ككلّ.
مظاهر الرحمة :
_عطف الأبوين على أولادهم وتوفير الحنان والراحة النفسية لهم، وتلبية احتياجاتهم وشروط العيش الكريم، وحمايتهم من الانحراف إلى ما هو سلبي، من أجل خلق أفراد فاعلين في المجتمع.
_عدم إيذاء الحيوانات لا سيّما الأليفة منها،
_مساعدة الفقراء والمحتاجين. مشاركة الآخرين في الأفراح والأحزان. مساعدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وإعطاؤهم حقوقهم كاملة. معاملة الناس برحمة دون تمييز على أساس العرق واللون والجنس. الرفق بفئة كبار السن
_العطف على الأخوة والأخوات .
_مساعدة الأيتام كأفراد والعطف عليهم وكفالتهم إن أمكن، أو تقديم المساعدات والتبرعات العينية والنقدية للمؤسسات الراعية للأيتام بشكل عام.
_مساعدة المريض وزيارته على الدوام ومواساته ورفع معنوياته.
_إرشاد ومساعدة منقطعي السبيل.
_تقديم المساعدة في حالات الكوارث الطبيعية، سواء أكان ذلك في الدولة نفسها أو خارجها.
_إنشاء مرافق لذوي الاحتياجات العامة في المؤسسات والأماكن العامة.
_دعم طلاب الجامعات غير القادرين على مواصلة الدراسة لسوء الحالة المادية لديهم مادياً ومعنوياً.
إن التحلي بهذا الخلق الكريم له فوائد وآثار إيجابية على الأفراد والمجتمعات ككل فهي تشيع المحبة والألفة بين الناس، فيصبح المجتمع كالجسد الواحد، ففي حديث للرسول محمد -عليه الصلاة والسلام-: ” مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم، كمثلُ الجسد الواحد، إِذا اشتكى منه عضوٌ تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالحُمِّى والسّهر”.
و الرحمة تساعد في زيادة وتقوية صلة الروابط الأسرية.
ما أجمل أن يكون المجتمع متراحم ومتعاون يدعو إلى السلام العالمي …
الكاتبة : ندى فنري
مدربة مستشارة