الروح/ صفية باسودان – جازان
وفجاءة جاء الماضي يتحسر باكيًا، وأخذت الأمور والأحداث تتساقط فوق بعضها وتكشف لها انها أضاعت الهدف الذي اتصلت به من أجله!
فمنذ سؤالي لها لم تكف عن الكلام، وجدت نفسها تتحدث وتتحدث عن حلمها المحقق في حياة شخصية غيرها. قالت لي: “كنت هاوية لكتابة الخواطر محبة لشاعريتها تؤنسي بصوتها الهامس ولكنني لم أكن أعرف أن بوابة الشهرة سيهدمها الأستاذ نزية البلدوزر وانني سأتي على ركام هزيمة مريرة وسأذوقها وستنظر إليّ خواطري نظرتها الأخيرة دون أن تودعني وسأظل صامتة لتكون لي العذاب الكبير الموزع ما بين الحطام والنسيان والأسى. أتذكر ما حدث في ذلك اليوم بالتفصيل وكأنني أعيشه مرة أخرى. قبل عدد متوسط من السنين، حين قفزت مجموعة من خواطري على قرطاسي المسطر، فكرت أن اعرضها على ذوي الاختصاص ومن لهم في المجال الكتابي مجال، وبعد استشارة في غير محلها قالت لوجداني “هلم وتقدم”، فخطر بباله النجاح، وكانت خطواته غير مدوسة إلا انه حصل من زلتها على رقم هاتف (الأستاذ نزية)، اتصلت عليه ولم يرد، فأرسلت إليه رسالة نصية فيها أعرف بنفسي – كان اسمي الجزء الأساسي والأولي لِمَ سيبنى عليه من شهرة تكون سيرتي الذاتية- وبعد أن تأكدت إنه استلم رسالتي وقراها عاوت الاتصال به، رد عليَّ، عرضت عليه بعض خواطري.. الأولى – الثانية لم أشعر بأية تغيري يشجعني على الاستمرار حتى أن صوته ظل كما هو هادئًا بعيدًا يوحي إنه يتربع على قمة جبل، والنسيم العليل يرفرف من حوله، وحين وصلت الخاطرة الثالثة والتي كانت بعنوان (القاصرة) أحسست بالضيق والحرج فبدأت من عند خاتمتها، فجأة أوقفني وطلب مني أعادتها، عدتها وكأنني لمحت طيفه يضرب لها تعظيم سلام، ومع انجذابه لها كان اهتمامه واضحًا، تغيرت نبرة صوته، وعلقت العبارة في نفسه، وجعل يلح عليّ بالسؤال عنها وعني “هل أنتِ متزوجة؟” لأخذ تفاصيل أكثر حينها شعرت بشيء لا أدري ما هو بيد انه غير مريح ويخرج من نفسه، وفي ذهول عدم معرفتي به سكت ولم أزد حرفًا، إلا أنه ما لبث أن نصحني نصيحة كانت نتيجتها كنتيجة نصيحة أبليس لأبونا أدم عليه السلام “يجب عليكِ أن تتعلمي وتفرقي بين القصة والخاطرة كي تنسي ما حدث معكِ في حياتك الماضية ويتعدل تفكيرك ونقرأ لكِ ونسمع عنكِ كل خير”. كانت المكالمة الأولى وبعد مشاهدتي للقائه التلفزيوني في قناة MB الشهيرة أعييت انها المكالمة الأخيرة. خرجت من عالم الكتابة ومزقت دفتري وتوقفت عند صورته الحية، قضمني وفي يده التفاحة، ثم رجع كي ينعم في جنة العبارة، استمتع بملكيتها، وقرارة نفسه تعلم انني أحمل ما يبثت أحقيتي لها وشرعيتها!”