الكاتبة / أحلام بكري
……………………
يجمعهما مقر عملِ واحد..
أشتمّ عبق عطرها من بُعد ..
أهتز كمن لدغتهُ نحلة ًمباغتةً لم تتمهل في الوخز ..
.
خفيفة الخطوة ، كلما مرت بجانبهِ..
حديثها المبهم في هاتفها الخلوي المستمر ، لم يمكّنهُ من الحديث معها ، ولا حتى لفت نظرها أو ملاحظته..
.
(متمتماً بداخلهِ ..!)
لم أجني سوى الألم من هذه المرأة ، والاحتيال لتصيُّد الفرص ، والانتظار الممل..
ومازلتُ مجهول عندها وغير مرئي..
(أطلق تنهيدةً طويلة ممزوجة باليأس)
وقال محدثاً نفسه : يجب أن أترجّل وأباغتها بالحديث ، علّها تنتبه لوجودي..
.
نهض من مكتبهِ متجهاً ومتتبع خطاها من الخلف ، رافعاً صوتهُ منادياً باسمها..
توقفت عن سيرها و ألتفّتْ حول نفسها ناظرة للخلف..
مع هذا الإلتفات ، أنثال شعرها على وجهها وحول عنقها..
وبانت كأنها لوحة إرتجالية عشوائية ضاعت تفاصيلها عنه..
.
تسمّر بمكانهُ غير مدرك لما يحدث ودخل في حالة من التبلُّد..
ماكان له أن يرتجل..
لم يستدرك الواقع إلاّ بعد أن اقتربتْ منه ..
وقالتْ بصوت عملي : نعم بماذا أخدمك..؟
رد عليها بعد أن صمت برهةً من الزمن ، غارقاً بأعماقِ نفسهِ ..
كأن اقترابها منه ، عاصفة اقتلعت الصوت والحسّ..
.
قال لها بتردد :
(بعد أن وضع يده الأولى على خصره والثانية على رأسه )..
لا شيء..!
قالت بابتسامة مخفيه : أأنت متأكد..؟
قال لها خجلاً: لقد نسيت ما كنتُ أُريدهُ منك ؛ المعذرة المعذرة ..
.
(تكشّف أمامها وأصبح مرئياً بوضوح مزعج وثقيل على نفسه)..
هدأتْ حدّتها وأنخفض مستوى نبرة صوتها ، وقالت بشكل رقيق:
قاتل الله النسيان ..!
تعلم طريق مكتبي ، إذا تذكرتَ أمرك المنسي ، لتتجه إليه..
(ابتسمتْ وأدارتْ بجسدها ، عائدة لمكتبها)
شعُرَ وقتها كأنه قطعة بلور زجاجية مصقولة سقطت على قطعة من الرُّخام الناعم وتحطم وتطايرت أشلاء..