مقالات مجد الوطن

رضا الناس غاية لاتدرك 

رضا الناس غاية لاتدرك

 

من أنواع الرزق أن يضع الله لك قبولا في قلب كل من يراك .

 

محبة الناس رزق عظيم من الله، و كنز ليس له ثمن، حتى لو أنفق المرء عليه كنوز الدنيا قال تعالى :

( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ).

 

لكن ” إرضاء الناس غاية لا تدرك”

 

حكمة لا يستوعبها دائما الأشخاص الذين يميلون الى إرضاء الآخرين، كوسيلة للشعور بالرضا، أو الإعجاب؛ وهو ما يفسره علم النفس بأنها سمات شخصية تُعرف باسم “التوجه الاجتماعي” ، يسيطر عليه الشعور بالقلق المفرط تجاه إرضاء الآخرين .

.

لماذا لا يجب إرضاء الجميع؟

 

يجب عدم محاولة إرضاء الجميع في كل وقت، ليس فقط لأن هذه المحاولات ستجعل الشخص يعيش وفقًا لمعايير شخص آخر، لكنها أيضًا تستنزف أي شعور بالسعادة والحماسة .

 

الإنسان الذي يشعر بالسعادة عند حصوله على ثناء الآخرين وقبولهم، يعد هذا الشعور طبيعيا ، إلا أنه قد يتحول إلى إدمان حقيقي ومرض خطير في حال تخلي الإنسان عن قيمه وأولوياته ورغباته في سبيل كسب رضا الآخرين

وتترك تأثيرات سلبية على مختلف جوانب الحياة .

 

من هذا المنطلق ينصحك علماء النفس بالقيام بما يجعلك سعيدًا ويحقق أهداف حياتك وما يرضيك أنت لا ما يرضي الآخرين.

 

إن الساعين وراء سعادة الآخرين على حساب رفاهيتهم العاطفية، يعرضهم لآثار سلبية من بينها :

الشعور بالغضب والإحباط تجاه استغلال الآخرين لهم والشعور بالندم أو الأسى.

ارتفاع مستوى القلق والتوتر بسبب الإجهاد الزائد.

نضوب الإرادة لتحقيق الأهداف الشخصية.

ضبابية معرفة الذات بسبب إخفاء الأشخاص احتياجاتهم وتفضيلاتهم من أجل استيعاب الآخرين.

بناء علاقات ضعيفة يعتبر فيها اللطف والاهتمام الزائد أمرًا مفروغًا منه ولا يكون فيها الأخذ والعطاء متبادلا.

 

مشكلة من يسعى لإرضاء الآخرين أنه لا يستطيع التفريق بين التعامل بلطف مع الآخر وبين السعي لإرضائه .

 

توضح الدكتورة إلين هندريكسن اخصائية في علم النفس بعض الأسباب التي تجعل هؤلاء الأشخاص ينخرطون في هذا النوع من السلوك أهمها:

– ضعف احترام الذات:

يحتاج الأشخاص الذين يكرسون أنفسهم لإسعاد الآخرين بشكل مبالغ إلى التحقق الخارجي بسبب ضعف ثقتهم في أنفسهم.

– انعدام الشعور بالأمان:

قد يحاول الناس إرضاء الآخرين لأنهم قلقون من خسارة محبة الأشخاص لهم، إذا لم يذهبوا إلى أبعد الحدود لإسعادهم.

– البحث عن الكمال:

أحيانا يريد الناس أن يكون كل شيء على ما يرام، بما في ذلك كيف يفكر الآخرون فيهم و ما يشعرون به تجاههم.

– التجارب السابقة:

قد تلعب التجارب المؤلمة أو الصعبة دورًا في محاولة إرضاء الآخرين لتجنب إثارة سلوك مسيء للآخرين.

 

العلامات التي تؤكد وجود عادة إرضاء الآخرين ما يلي:

– التظاهر بأنك متفق مع الجميع:

الاستماع لآراء الآخرين حتى وإن اختلفت معها يعد من الطرق المهذبة في التواصل. لكن تظاهرك بأنك تتفق مع كل الآراء التي تسمعها قد يضعك في موقف يضطرك إلى القيام بسلوكيات لا تتفق مطلقا مع مبادئك.

– تشعر بأنك المسؤول عن مشاعر الآخرين:

من الجيد أن تلحظ تأثيرك على من حولك وتحاول أن يكون هذا التأثير إيجابيا قدر الإمكان. لكن في نفس الوقت لا يجب أن تقنع نفسك بأنك تملك القدرة على جعل أي شخص سعيدا، فالسعادة أمر يتعلق به هو.. فقط.

– تقدم الاعتذار بشكل متكرر:

سواء أكنت تلوم نفسك على أي خطأ يحدث، أو أنك تخشى أن يلومك الآخرون فلا يجب أن تقدم اعتذاراتك بشكل متكرر فهذا لا يعطي انطباعا جيدا عن نظرتك لنفسك.

– تشيع بأن جدول أعمالك اليومي دائما ممتلئ:

اعلم بأنك المسؤول عن ساعات يومك كيف تقضيها، وهي غالبا تكون كافية لإنجاز الكثير من الأشياء من خلال تنظيمها بالشكل الصحيح. لكنك لو كنت من الأشخاص الساعين لإرضاء الآخرين فمن المرجح أن يبقى جدول أعمالك ممتلئا بخدمات ترى أنه يجب عليك تقديمها للآخرين.

– عدم قدرتك على قول كلمة “لا”:

سواء أكنت تقول نعم لكل ما يطلب منك وتنفذه أو تقول نعم بداية ومن ثم تدعي المرض للتخلص من التزاماتك فأعلم بأنك تعاني من مشكلة يجب أن تسعى لحلها وتضع أهمية مناسبة لاحتياجاتك.

– تحكّم من حولك بتصرفاتك:

من الطبيعي أن تتأثر سلوكيات المرءبالمحيطين به سواء الأقارب أو الأصدقاء أو زملاء العمل.

لكن عندما يتعلق الأمر بمن يسعى لإرضاء الآخرين فإنه يكون على استعداد للتخلي عن أهدافه في سبيل إرضاء من حوله.

فعلى سبيل المثل قد يتناول المرء كميات كبيرة من الطعام على الرغم من أنه يسير على حمية معينة لمجرد أنه يرى بأن تناوله للطعام يمكن أن يسعد من حوله بشكل أو بآخر.

– لا تعترف بأن مشاعرك قد تعرضت للأذى:

لا يمكن للمرء أن يبني علاقات متينة مع الآخرين لو لم يعترف بأن مشاعره تعرضت للأذى منهم في بعض الأحيان.

اعلم بأن إنكار شعورك بالغضب أو الحزن أو الحرج أو الإحباط لن يؤدي إلا لإبقاء علاقاتك مع الآخرين سطحية.

 

نصائح لتجنب “الاحتراق الذاتي”

لحسن الحظ، هناك بعض الخطوات التي ينصح باتباعها الدكتور سوسمان لموازنة الرغبة في إسعاد الآخرين أهمها:

– وضع الحدود الصحية.

– يجب توضيح وتحديد الأمور التي نحن على استعداد لتحملها لاسيما مع الأشخاص المتطلبين، بشكل لا يتجاوز حدود قدرتنا على المساعدة.

– تغيير السلوك المعتاد.

– قد يكون من الصعب إجراء تغيير مفاجئ، لذلك من المفيد البدء بخطوات صغيرة، كالامتناع عن تنفيذ طلبات صغيرة لكسب مزيد من الثقة النفس، واستعادة السيطرة على حياتنا.

– التريث قبل الموافقة على الالتزام مع الآخرين.

 

و في النهاية إليك بعض الهمسات :

 

الهمسة الأولى:

إياك أن تبتعد عن الآخرين لتتجنب الاحتكاك بهم، وتتلافى المتاعب التي قد تنجم من تعاملهم، وتذكر قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهِمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهِمْ».

 

الهمسة الثانية:

لا تقلل من قدر الآخرين أياً كانوا: خاصة الذين يقلون عنك في مستواهم الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.

 

الهمسة الثالثة:

تمالك نفسك إذا أغضبك الناس، وحاول تسيطر على غضبك وعدم إظهاره، ولعل ابتسامة واحدة كافية لحل الموقف.

 

الهمسة الأخيرة:

استمع أكثر مما تتكلم، فمشكلتنا أننا لم نتعلم كيف ننصت إلى الآخرين، وننتظرهم حتى يفرغون لنتكلم بعدها، مما يجعل أصواتنا تختلط مع أصوات الآخرين فيصبح الحوار مزعجاً وغير مفهوماً؛ لذا:

يجب أن نعلم أبناءنا مهارة الإنصات والاستماع للآخرين

 

باختصار: إرضاء الناس من أصعب الأمور التي تمر بالشخص أثناء الاحتكاك بهم، والسُبل لإرضاء كل الناس هي بداية كل فشل يتجرعه الشخص،

 

إليك خطوات للتوقف عن إرضاء الناس والاهتمام بنفسك :

_ تجنب الشعور بالذنب الرغبة في الإرضاء أو الاسترضاء لأنها متجذرة بعمق داخلنا، وغالبا لا ندرك مصدرها، ولكن الإعتراف بأنها نمط حياة يعد الخطوة الرئيسية الأولى. …

_ عبر ما تشعر به …

_ تذكر أن الثمن باهظ للغاية …

_ ضع حدودا تحفظ قيمتك …

_ امنح نفسك مهلة …

_ احترم قلبك الطيب …

 

ندى فنري

أديبة / صحفية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى