اللغةُ العربية محيطٌ لا ملوحة فيه، بل ماؤهُ لجينٌ عذب ..
وفنونها كنوزهُ وثرواته و مخلوقاتٌ وعوالمُ تمرحُ فيه وتقيم في طيّاته،
وغواصوها هم من يستخرجون هذه الكنوز ويبرزونها،
وكل جاهل بالعربية غارقٌ في هذا المحيط لامحالة،
فهناك من يغرق منذ أول عناق يحتضنُ فيه الموجُ جسدَه،
وهناك من يجاهدُ و يعوم علّه يستمر وينجو،
وهناك من يغوصُ وينجح في مصارعةِ أمواجه..
وهذا يركب الموجَ تريّضا وتمتُّعا،
وتلك تشاكسُ الزّبدَ شعرا وتهزمه نثرا ،
وذاك يقف ثابتًا في برزخهِ سيادةً وتفرُّدا..
وهناك من يعومُ و يغوص ويصل لقاعه آمنا..
وقد يكتفي بالتمتع بجميل الخلقِ في أعماقهِ مُنبهرا..
وقلة من ينهل ويعود فيطفو فائزا بمحارِ اللآلئ ونادرِ الثمار.
و عبقريٌ في إبداعه من يكرر الغوص والطفوَ كل حينٍ ويجيدُ كل ماتقدم ويسكن المحيط وطنًا لايُنفى إجبارا ولا يهجرهُ مختارا.
الناسُ في التمكنِ من العربيةِ درجات..
ومابين السطحِ والقاع..
كما بين الساحلِ و العمق،
سِعةٌ كما بين المجرات..
ما أبهى السفر بينها..
وأخالُني أمهرَ المحلّقين.
د. فاطمة عاشور