مقالات مجد الوطن

دمعة في ثانوية معاذ

 

……………………………….

⭐⭐⭐⭐⭐⭐⭐

 

دق جرس الفسحة المزعج

والمنقذ معا .

بعد الحصص الثلاث و الاولى المتواصلة الدسمة جدا .

فالدوال والمعادلات والتفاضلات

والهندسة الفراغية و المصفوفات

تبلد الإحساس وتفرز هرمونات الملل والكئابة .

فالمخ الآن يحتاج فقط للنيكوتين

قبل ان تحتاج الخلايا للبروتين

هاهو رقم علي حكمي صديقي وزميلي المفضل

يسبقني … ليرن بهاتفي القديم

فنحن نفهم لحظة الخروج

ونفهم متى نحتاج لبعض

ارواح شبه منحرفة تشتاقا معاً

لتعيش اللحظة دون مهاترات وتكلف .

جولة قصيرة لا تتجاوز عشرين دقيقة فقط

وربما أقل من ذلك .

لنرحل كالعادة مع الفرفشة والماضي

جولة بسيطة حول محيط المدرسة

لاتستغرق الكثير لنسفح أكثر من سيجارة .

السيجارتان بين أصابعنا الهزيلة

تتسابقان لتشتعلان من قداحة واحدة

فلهفة النيكوتين تهزمنا دائما

ورشفة القطران لا تُقاوم …

هذه المرة اختلفت جولتنا عن سابقتها .

بينما نحن نتبادل هشهشة الحديث

قدر أحمق الخطى يقودنا امام محفلنا القديم .

الفضول يقود المركبة ويقودنا معا

لثانوية معاذ بن جبل القديمة .

ستكون رحلتنا من ثانوية معاذ الحالية

ذات الطابع الجديد

لنرحل إلى كرنفال معاذ الخالد …

نعم إلى كرنفال و قصر معاذ القديم

سنعود إلى عام 1995 ميلادية

اي ماقبل اثنتين و عشرين سنة

جولة قصيرة ستكون مؤلمة بعض الشيئ .

ومفرحة نوعا ما

حيث الذكريات والشباب والعطور والشعر الأسود

و الأناقة و اثبات الذات والتواجد

دون هاتف محمول والبحث عن الأنثى .

سنسافر معا إلى معاذ الأم

حيث :

علي زميم وانور يحيى ومحمود رجب

وأحمد زيلعي و علي عباس وعمر فتحي

وحسين عباس  ومصطفى كوكا و الديباجي

والشعراوي ونجيب رشاد وحسين صديق

والشيخ احمد و مطاعن شيبه وعبده ياسين

وعمر ابوحية وعبده نجار واليامي واحمد الغامدي والطبيقي وسامي عباس ومحمد بيه

وابوبكر ولي ومحمد يعقوب وخالد شداد

وربيع دخن  وعمر فقيه وعثمان موسى  ومحمد ولي مغفوري و سعود مسلم  وفؤاد قب و بهاء وزكي

ويوسف وابراهيم البابقي وشويش والمقري ..

ومعلمي الفاضل محمد ناصر حمدان رحمه الله .

مازلت اذكر الجميع … واشتاق لهم

مجموعة من النماذج الجميلة بحياتي

وسيرة حب ….  وفترة وجود

كان ذاك المبنى العظيم وتلك الجودة

اول محطة لي وأول وقعة قدم ..

التي تذكرني بدريد لحام

في فيلم الحدود ..  وهو يغني لفيروز

( خبطت آدم كن عالأرض هدارة

إنتوا الأحبّا وإلكون الصدارة ) .

دخلنا المدرسة …

وكأننا ندخل مقبرة حرب للشهداء

او كأننا ندخل ميدان بطولة تحرير

لا .. لا … ياأستاذي القدير

نحن فعلا ….

ندخل قاعة ملكية لتكريم العظماء

اختلاف في المشاعر

ارتعاش بأصابع يدي

نظرات ماض وشوق

دهشة .. خوف .. تردد

تسقط سيجارتي من فمي

كأن علي زميم ينظرنا معا

ويوبخنا على اهدار خمس دقائق من الحصة.

فهو مازال يدير تلك الكراسي المتناثرة

والمشنوقة بكل مكان

كما يدير ذلك الحشد الهائل من الطلاب

وتلك الزمرة الجميلة من المعلمين المخضرمين .

نمشي ببطء فمزرعة ربيع الجانبية

نموذج لمشروع قادم

ربما يثمر وربما يفشل

فربيع يوهمنا بتحدي المستقبل

ويجهل اين تنمو أصول الفجل

مازالت ورقات النعناع تعبق المكان

ونبتة الجرجير اخطأت الإختيار

ولن تنمو تحت السرير مرة اخرى

فالجيل الحالي لايهتم بالإثارة

وبذور بازلاء مندل تختفي من الحديقة

تمثالان لشويش و المقري الحارسين

طائحان على الركن الايمن لمدخل المدرسة  ….

ها نحن ندخل المبنى ….

السلالم الشرقية الحزينة

تفتقد عكازي الرفاعي الذهبيتين .

وكتاب فيزياء الجن حائر بين التخمين والواقع .

نتجول بالفصول الشرعية …

حيث الميول الأدبية والإدارية

ربما ليست ميولا ورغبة او حبا

في المتنبي  وفقه العبادات  وتضاريس البرازيل

و نظريات رينيه ديكارد وفلسفة ابن خلدون …

قد يكون تحايلا و هروبا لواقع يجهله الآباء

ويخفيه الابناء .

فالدوال المثلثية والتكاملات وقوانين نيوتن

والطاقة والحركة واينشتاين والنسبية

قد تكون عائقا للتحدي

هانحن ندخل الغرفة الأولى

حيث ثالثة شرعي على مااظن

كانوا ينامون بذلك الفصل

السبورات الخضراء الكبيرة

وبقايا الطباشير الملونة المتناثرة بالفصول

تبتسم لقدومنا و تحفظ انطباعتنا القديمة

بينما تتجاهلنا الزوايا والأركان

فنحن المعلمان الوحيدان اللذان

نملأهما بطلاسيم وقوانين الصمت

وشخبطات وألغاز غامضة تخلو من الآيات القرآنية والدين .

كأننا ازعجنا البلاط النائم الملتحف بالغبار

فوقع اقدامنا يزعج كل شيئ …

نتسلل بهدوء لغرفة الإدارة

يدي اليمنى ترتجف..  تفتح الباب

وكان الباب العجوز

يسال : من انتما ؟؟؟

هل سيتذكرنا الباب ؟؟

ام سيتجاهلنا الوجود

كانني اتسامع كحة وصرير الباب القديم

فعتبة الباب تذكرنا وتأذن لنا بالدخول ..

علي زميم بنظارته البلاستيكة وشماغه

وعينيه القمحيتان وجسمه النحيل

مازال على مكتبه يرتشف قهوته الزعفران

ودفتر الدوام مرمي كالعادة

ومهمل على كرسي قديم بثلاثة ارجل

لا بصمة دخول ولا توقيع اتصراف

ولا انتقامات حسم ومتابعة

ولا استجوابات تأخر وترصد

مدير يفهم ( متى يغضب ومتى يهدأ )

حاجباه العاقدان ينزلان رويدا رويدا

مع مرور الوقت وتواجد الجميع

هدأ الوضع .. وقل الضجيج

أنور يحيى بابتسامته العريضه يسجل جدول الإنتظار

ويخرج الحصة السابعة من الجدول …

فكم جميل انت ياأباالزهراء ¡¡¡

تعرف كيف تمتص غضب المدير

وبهدوء وتحايل ودون نقاش

فبورقة لايتقيد بها الموقعون ادناه

تخرج ابتسامة من فم المسئول

بينما يوسف  منشغل بتسخين إبريق الشاي

لحظة انشغال الإدارة

الصباح الساخن لم يفتر بعد

تغادر العصافير إلى الشجرة الخالدة هناك

فمعبد الطيور لايفهمه المعلمون

يدفأ الإبريق قليلا ثم يغلي

ويقل افراز هرمونات الإنفعال  …

فكرات (الزلابية الساخنه) تسخر من الموقف

كلنا يسمع وشوشة يوسف التي يؤنب بها المدير كعادته .

دعابات من الماضي يجهلها الصغار مثلي

وتعليقات لاذعة تثير الموقف

معلمي محمد ناصر مازال حيا لم يمت

يفتش في غيابات الأمس الراحل

الدولاب مليئ بالملفات النائمة على الرفوف

اللون الاخضر مازال زاهيا على كل ملف

فستان سهرة لم يبلَ بعد .

والمقبض الحديدي يقول مازلت شابا ..

الدموع تملأ اعيننا تستاذننا للخروج  …

سيجارتان اخريتان وتنهيدتان

ونظرتان من الماضي .

كفيلة بأن تعيد الدموع إلى ينابيعها .

إلى غرفة المعلمين …..

حيث الجميع يتناول وجبة الإفطار

( السمك الرديني ) الطبق المفضل للجميع

مع الخبز الهمّامي الحار والبسباس الملتهب

الذي يثأر منا .

رائحة السمك مازالت تجلب القطط البعيدة

علي عباس يدندن بصوته الجميل  لفريد الأطرش

( سالني الليل بتسهر ليه )

نموذج نادر غاب عن ساحة التعليم

حوارات ساخنة  وتحديات و رهان

مابين احمد زيلعي و الشعراوي ومحمد يعقوب

عمر ابوحية يثير النقاش والخصام

ويستفز الكابتن احمد زيلعي

من يفوز غدا ؟؟

مَن يقتل مَن ؟؟

مسرحية لم يكن لها منتجا ولا مخرجا

محمود رجب يقص لنا ماضيه الجميل

بالكويت وحلمه البسيط بالتهام خروف

بأكمله دون شريك .

طالب يثير الغضب الساطع للغامدي

مصطفى كوكا يرحل في عيون فريتاون

ويحلق بعيدا لزوجته السمراء

و انوار مدينته الحالمة .

الحارس شويش والسجع والشعر

قصص لاتنتهي من صنع الفكاهة

نجيب والسجادة الممتلئة بالدهاء

يفكر كيف يجتاز الباب تاركا وراءه

حصة منسية ربما تؤمّنها ضحية من المعلمين

الفصول الدراسية بالدور الثاني

مزدحمة بالتساؤلات والعدد

ثالثة ثانوي علمي بفصولها الثلاث

وصفوفها الشرعية ( الأدبي )

خمسون طالبا بكل صف …

عدد فخم لم تصل له اي مدرسة لصف من صفوفها

بغض النظر عن الملفات القروية

التي ترفضها الإدارة ويتجاهلها الكاتب

ثانوية نموذجية و حلم كل طالب

ان يكون احد منسوبيها .

الفصول تعج بأرواح المعلمين الطاهرة

وعطور الطلاب مازالت تملأ المكان .

مسرح المدرسة وقاعة الإحتفالات

وذكرى تكريم هاشم مهدي رحمه الله

كأول حضور لي بالقاعة

لم أكن افهم ماالتكريم والإحتفال

هدايا ثمينة وجميلة تعقب الحفل

عطور وحاسوبات ومكتبات

وكتب نادرة واقلام جميلة …

ولكن علي حكمي واحمد زيلعي يخجلا الجميع

ويسكتا الكل .

بإهداء قطعة ارض بصكها للأستاذ الناقل

ليدير ثانوية حي الروضة لاحقاً

المسرح بكراسية البلاستيكية مازال موجودا

وصدراً يدب بالحياة .

ومليئا بالذكريات حيث طلاب المنازل

وندوات الشيوخ وشهر رمصان

وكرنفال الحب واللقاء العفوي للطلاب

واختبارات الوزارة والجوائز التذكارية .

فلنعد ياصديقي إلى حيث كنا …

لقد بدات الحصة الرابعة قبل لحظات

ومديرنا الحالي لايفهم مامعنى الحب

ولكن نظرات صديقي وفضوله

تقول لي قليلاً من الجمال إلى أسفل

جولة بسيطة بالساحة .

حيث  المختبرات والطابور والتقاءات الصباح

وزغردة الحمام البري .

ننزل بالسلالم الوسطية للمبنى  …

حيث المقصف و عبده ياسين  وساحة الطابور .

الكرة بالملعب تنتظر ركلة محمد …

لم اعد اتذكر اسمه  كاملا

معلم للحاسب مصري الجنسية

كان فارعاً وجميلاً ونموذجا للوسامة والأخلاق

خالد شداد يريد هدفاً قبل انتهاء الوقت

عبدالفتاح الشعراوي يملأ المرمى ..

ومحمد يعقوب يحتج على الحكم

بينما الإصرار  يملأ الزيلعي لتحقيق الفوز  .

رائحة النشادر تملأ ازقة المختبر

مَن بالداخل ؟

الديباجي رحل قبل ان نغادر معاذ

ربما المعلم الجديد يحضر تجربة الغد

بينما عمر فتحي مشغول بإبله البعيدة عنه

وكيف يخرج عفريتاً وينقذ طفلا

من مس الشيطان .

فلنغادر ياصديقي ….

فثرثرة المكان تحتاج وقتاً اطول

وانا  لا احب منظر الكئابة والأجداث

لا احب منظر الكتب المرمية من دون عنوان .

وتلك الكراسي القتلى المتناثرة

لحظة غدر و لحظة رحيل .

الغبار يدفن الذكريات والشباب

حشائش الجبل تفسد المكان

اسماء الطلاب تختنق باوراق التفوق والإنذارات .

الخطوط الجميلة تغادر اللوحات

ساحة الطابور تفتقد الطالب المثقف

القراءة الصحيحة لم تعد هنا.

عشائش العصافير الصفراء ذكرى مؤلمة

جذور شجر النيم تنتحر في جوف الأرض

المسجد يفتقد الشيخ أحمد والإستقامة

كل شيئ هنا يلتحف التراب والرمل

فلنغادر ياصديقي ….

ولنسحب شريط الذكريات

فأسطوانتي مزدحمة بالأحزان

فلندع المكان جميلاً

فمادام علي زميم هنا

سيدير كل شيئ بذكاء ….

…………………………………

أبو حليم ……

14 مايو 2017

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى