محمد الرياني
ظٍلٌّ وتقاسَمْناه ، هربْنا نحوه ، كنا حفاةً مجانين نهوى اللعب ، ننسى حذاءنا مفتونين بالجري على التراب ، فرحنا بالظلِّ فهربَ الرمضُ نحوَ دمائنا ، وقفنا نرفع قدمًا ونضعٌ أخرى حتى تبرد أطرافنا ، قلتُ لها : هل أعجبكِ الآن ؟
هذا ظلُّ ساقِ الشجرةِ البائسِ بلا أوراقٍ لا يكاد يكفينا ، بعد قليلٍ ستنزاحٌ الشمسُ ونبقى في الحرِّ بلا ظل ، ضحكتْ وهي تعبثُ بقدميها الصغيرتين على الرملِ وهي تقول لي : هل أُغني لك أغنيةَ الحرِّ والرمل ؟ أم أغنيةَ الشمسِ والظل ، فعلتُ مثلها وحركتُ قدميَّ وهي تنظرُ إليَّ وقد صنعتُ نوتةً على الأرض ، تبادلنا الرقصَ على الرملِ حتى اختفى الظل ، هرولنا نحوَ ظلٍّ آخرَ والشمسُ ترقبنا من بعيدٍ ونحن صغار ْبلا هوية ، قلتُ لها : لو كان معنا أحذيةٌ لما وصلنا لهذه الحال ، قالت لو كان معكَ أحذيةٌ من الرمضِ لما صنعتَ على الرملِ أنشودةَ الحر ، عُدنا إلى بيتنا الصغيرِ نريدُ الماءَ لنزيلَ العطش ، وجدنا الأحذيةَ بانتظارنا في المدخلِ الصغير ، أدخلَ كلُّ واحدٍ منا قدميْه وعدنا إلى الحرِّ نبحثُ عن اللغةِ التي تركناها في الحر ، وجدنا الظلَّ قد انتقلَ من جهةٍ إلى جهةٍ ، أردنا أن نغني فلم نجد مفرداتِ منتصفِ النهار ، مالتِ الشمسُ نحوَ الأصيل ، بكيْنا لأنَّ الوقتَ مضى مثلَ الأحلام ، قلتُ لها: غدًا نعودُ إلى الظلِّ الصغيرِ من أجلِ أن نكتبَ من جديدّ عن الظلِّ والشمس ، استعدِّي للرقصِ على التراب!