مقالات مجد الوطن

*(اليوم الوطني، ماضٍ تليد و مستقبل فريد )*  

 

 

بقلم / د. طارق السلمي

أستاذ التاريخ الحديث

 

 

يعتبر اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية الذي يحل علينا في الثالث والعشرون من سبتمبر من كل عام فرصة ثمينة تذكرنا بتاريخنا العظيم، وتجسد معاني الفخر والاعتزاز لكل مواطن بإنجازات ومجد أجداده الأولين. لم يكن الاحتفال بهذا اليوم الخالد إلا اعترافاً بفضل الآباء والأجداد، وتدعيماً لأواصر الإخاء والمواطنة بين أبناء هذا الوطن والعلاقات الوثيقة التي تربطها بقادتها، إنه فرصة لتجديد العهد لوحدتنا الوطنية التي وضع قواعدها موحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وجعلت من المملكة قوة إقليمية وعالمية لا يستهان بها.

إنَّ الاحتفال باليوم الوطني فرصة لتجديد وتقوية روح الانتماء فينا، والشعور بقيمة ما تم تحقيقه من إنجازات على جميع المستويات جعلت المملكة على مصافي الدول المتقدمة.

يحق لنا في هذا اليوم الإعتزاز بهويتنا الوطنية وشخصيتنا الفريدة بوصفنا شعباً له شخصيته وقيمه وتقاليده وعاداته التي تميزه، تلك الهوية التي تنبثق من عدة روافد، ثقافية وحضارية وتاريخية ودينية، جرى تكوينها عبر عصور وأزمان طويلة، تؤكِّد عراقة هذا الشعب وأصالته.

إن تجديد الولاء لقادتنا ورؤيتهم الحكيمة والرشيد هو أولى ثمرات الاحتفاء بهذا اليوم العزيز علينا جميعاً، فبدعمهم اللامحدود كانوا سبباً في تحقيق الازدهار والتقدم لبلدنا، ومن هنا يأتي عنوان شعار اليوم الوطني “نحلم ونحقق” لتعزيز مكانة الوطن على الصعيدين العربي والدولي. إنه يوم للوفاء لمن ساهموا في نهضة وبناء هذا الوطن الغالي واعتراف بفضلهم وجميل صنعهم، ولا ينكر الفضل إلا جاحد.

إن وحدة شعبنا العظيم تتجسد في هذا اليوم بصورة جلية تحت قيادته الحكيمة والمستنيرة، وتأتي لتؤكد الوحدة والقوة والترابط بين أطراف المجتمع السعودي، الذين يسعون  لرفعة وازدهار بلدهم مستمدين قوتهم من الكلمات التاريخية لسمو الأمير محمد بن سلمان ” همة السعوديين مثل جبل طويق .. ولن تنكسر إلا إذا انهد هذا الجبل وتساوى بالأرض ” .

كل هذه الإنجازات تحمل على عاتقنا ضرورة اتخاذ خطوت عملية تلهمنا وتبث فينا روح الوحدة والتماسك والإخاء، من أجل الحفاظ على ما حققناه من إنجازات ومكتسبات، وتدفعنا للمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل واعد للوطن، ومن ثم تحويل لحظات الفرح إلى طاقات إيجابية للعمل البنَّاء والمثمر.

إنَ قوتنا تكمن في وحدتنا، وهذا من الواجبات التي تحتاج منا إلى ترسيخ قيم المودة والمحبة والترابط والسماحة، والاحترام والعدالة والمساواة، فالإرتقاء بهذه القيم هي أساس الوحدة والتماسك؛ لأنها وحدة تقوم على أسس من القيم الإنسانية الراقية.

ومن المهم الحفاظ على ما حققناه من إنجازات على مدار السنين الماضية، وذلك بحماية مكتسبات ومقدرات بلدنا، والوقوف صفاً واحدا أمام من تسوِّل له نفسه بالتعدي على الممتلكات العامة، والنيل من هذا الوطن بأي شكل من الأشكال، وكذلك الدعوة المستمرة إلى الالتزام بالقوانين، صيانةً لما تحققَّ من إنجازات، هي الآن ملك لنا، وغداً لأبنائنا وللأجيال القادمة.

ومن أبرز الخطوات العملية التي ينبغي علينا اتخاذها تقديم يد العون في بناء الوطن، واقتراح أفكار لتطويره، وهذا لا يكون إلا بالجدية في العمل والاخلاص لتحقيق التنمية، التي هي من أولى اهتمامات المملكة ضمن رؤيتها الرشيدة 2030، بما ترسمه هذه الرؤية من معالم مشرقة ومستقبلية، ومن ثمَّ فإن كل مواطن عليه التزام ما ومسؤولية محددة في سبيل بناء وطنه، وكذا مشاركته المؤثرة في مشروعات النهضة والتنمية، ولعل هذا أفضل ما يمكن أن يعبِّر به المواطن السعودي عن حبه الصادق، ورغبته في أن يرى وطنه كوكباً لامعاً في سماء المجد والرفعة.

ولن ننسى الدور الجوهري للتعليم والثقافة في تحقيق التنمية المستدامة، فالعلم هو أساس حضارة الأمم، ومناط تقدم الشعوب، لأنه مبعث النهضة التي تقف شامخةً قوية، جذورها في الأرض وفروعها في السماء، فيجب علينا أن نطلق العنان للأخذ بأسباب العلم، وسبل التنوير والتثقيف، لتكون حائط صد ضد العشوائية والدجل والتطرف والإرهاب وكل أسباب تجريف العقل أو تدميره، لنكوِن وطناً تعِب أبناؤه في إرساء دعائمه على مدار قرون.

ختاماً، يجب علينا أن نكون أكثر وعياً بالمعاني السامية لهذا اليوم ، الذي يحمل في طياته دعوة لكل منا لكي يتحمل مسؤوليته تجاه هذا الوطن العزيز وهذه الأرض الطيبة، وأن يكون هذا اليوم فرصة لشحذ الهمم للعمل والإنتاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى