مقالات مجد الوطن

تعظيم سلام 

 

غالبية الدول يوجد بها مايسمى جمعية حقوق الإنسان ، وبالتالي فلابد أن تنال نصيبها من التلميع والبهرجة الإعلامية .

كثيرًا ما تُروى على مسامعنا قصصٌ وحكاياتٌ عن أدوار تلك الجمعيات وما تكفله من حقوق الأفراد والمجتمعات .

قبل أشهر _ في طريق عودتي من مقر عملي _ شاهدت طائرة مروحية تحوم في ارتفاع منخفض ، أكثر ماشدني إليها ألوانها التي لم أعتدْ مشاهدتها في منطقتي جازان .

ابتعدت الطائرة فصرفت النظر عنها ، وماهي إلا بضعة كيلومترات حتى تراءت لي من مسافة ليست بالبعيدة ، شاهدتها تهبط في وسط الطريق حيث كان السير متوقفًا تماماً بتدخل من رجال المرور ودوريات أمن الطرق ، بالإضافة إلى وجود سيارات الإسعاف ، بما لايدَعُ مجالًا للشك عن وقوع حادثٍ يستدعي نقل المصابين بطائرة الإسعاف الجوي ، وعرفت – في حينه – من بعض المتواجدين أن أحدهما من الجنسية الهندية يرافقه أحد الإخوة اليمنيين ، وأن هذه الطائرة بكامل طاقمها ومعداتها تتواجد هنا من أجلهما .

في تلك اللحظة تملكني شعور عظيم ليتني أستطيع وصفه ، أقل مايمكنني قوله : إنه شعور الفخر والاعتزاز بهذا الوطن العظيم ؛ هنا سوف يدرك – تماماً – كلُّ من يعيش في هذا البلد المبارك ينعم من خيراته ويرفل في ظل أمنه واستقراره ، معنى أن يكرر مليكها – حفظه الله – في كل خطاباته دائمًا في أي مناسبة قائلاً 🙁 أبنائي وبناتي المواطنين والمقيمين ) .

 

في أحد المؤتمرات التي استضافتها العاصمة البريطانية عام 2016 وجهت صحفية تركية سؤالاً خطيرًا لوزير الخارجية السعودية – آنذاك – عادل الجبير ، فيما نصه : ” كما ذكرتَ ، بأن المملكة العربية السعودية تمتلك مسؤولية كونها قلب العالم الإسلامي ، فلماذا لاتقدم مايكفي للاجئين السوريين “؟

كان هذا السؤال على مرأى ومسمع العالم تناقلته كافة القنوات الإخبارية و وسائل الإعلام ، وبطبيعة الحال فكلنا يعلم – يقيناً – أن هناك من المتربصين الحاقدين من يحاول تدليس الحقائق بهدف تشويه صورتنا الأصيلة التي يعرفها كل من يعيش على هذا الكوكب ولايتنكر لها إلا جاحد أصابه هَوَس ، ومصداقًا لكلامي فلن أذهب بعيدًا بحثًا عن أدلة وبراهين ، فالأمر لايتطلب مني العناء أو الفلسفة ، ففي كل عام يقدم إلى هذه الأرض من كل بقاع الدنيا ؛ لأداء مناسك الحج شاهدون على ما تقدمه وتوفره حكومة المملكة وشعبها من الرعاية والخدمات في كافة المجالات والقطاعات وتسخير كافة الجهود والسبل لضيوف الرحمن حتى يتمكنوا من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان .

أما عن المساعدات الإغاثية الإنسانية والإمدادات الغذائية والطبية التي ترسلها المملكة العربية السعودية مع فرقها وطواقمها الوطنية ذات الكفاءات العالية لكافة الشعوب المنكوبة بمختلف أجناسها فلن تستطيع الأرقام حصرها ، ولا المجلدات سردها ؛ لذلك لم يتأخر الجبير في رده على سؤال الصحفية ، بل وجعله درساً لكل من يحاول التقليل من مكانة بلادنا ورسالة يجب أن يعرفها العالم ، فماذا كان الجواب ؟

” أعتقد أنه كان يمكننا شرح موقفنا تجاه اللاجئين السوريين بشكلٍ أفضل ، لقد قامت السعودية بإصدار أكثر من مليوني ونصف تأشيرة منذ بدء الأزمة ، قمنا بنشر بيان ولم يلحظه أحد ، ليس من بينهم لاجئ واحد يعيش في مخيم أو حتى خيمة ؛ ذلك لأن خادم الحرمين الشريفين أمر لكل السوريين الوافدين إلى المملكة العربية السعودية بالحصول على تصريح إقامة حتى يتمكنوا من إرسال أبنائهم إلى المدارس ، ويكون لديهم رعاية صحية وضمان اجتماعي و وظائف ، ولا نتفاخر بالأمر ولا نقوم بتصويرهم لأن هذه ثقافتنا كي لا يتعرضوا للإذلال ، لقد جاء هؤلاء الناس يطلبون الملجأ والأمان في السعودية وهذا مافعلناه لهم لكي تحفظ لهم كرامتهم . أقدر لكِ سؤالكِ حتى أتمكن من تثقيف الحضور حول سياساتنا تجاه اللاجئين ” .

كان هذا الرد مرآة تعكس صورتنا الحقيقية كسعوديين .(تعظيم سلام)

 

في السعودية ، أكاد أجزم أننا لسنا في حاجة إلى جمعية حقوق الإنسان بالرغم من وجودها وانتشار فروعها في كافة أنحاء المملكة ، فالدولة التي جعلت حكمها بمقتضى الكتاب والسنة وفق قوانين وضوابط الشريعة الإسلامية لهيَ أحن من الأم على ولدها ، وأعدل من الأب في أبنائه .

تعرض أحد أصدقائي لوعكة صحية أثناء تواجده خارج الوطن نقل على إثرها إلى أحد المستشفيات ، وبعد إبلاغ سفارة المملكة حضر بعض ممثليها للاطمئنان عليه والوقوف على وضعه الصحي إلى أن تحسنت حالته لدرجة التعافي ، وبعد أسبوع من مكوثه في المستشفى تفاجأ بتكاليف العلاج الباهضة التي تفوق إمكاناته حينها .

السفارة السعودية بتوجيهات من خادم الحرمين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان- حفظهما الله – تقوم بإيداع ( 53000 ) ألف دولار في حساب المستشفى ، ثمن العلاج والسرير من أجل ابن الوطن ، هذا غير طائرات الإخلاء الطبية التي ترسل إلى أي بلد يتواجد فيه مواطن سعودي يكون بحاجة إلى نقله للسعودية لاستكمال علاجه .( تعظيم سلام )

 

استوقفتني تلك التحفة الوطنية التي قدمها الأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن – رحمه الله – والتي يقول فيها :

( أنتِ مامثلك بهالدنيا بلد )

تعظيم سلام لهذا الوطن .

تعظيم سلام لقادته ، لشعبه ، لكل المقيمين على أرضه يبادلونه الوفاء والولاء والحب .

تعظيم سلام لأجدادنا لآبائنا وأمهاتنا الذين أعمروها ودافعوا عنها في كل الظروف .

لأولئك الأبطال الذين وهبوا أرواحهم وسقوها بدمائهم ، تعظيم سلام .

 

✍🏻 محمد شداد حكمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى