مقالات مجد الوطن

أعيــدوا لي جــدتي 

 

رحلت جدتي رحمها الله وتركت في قلبي ما تركت فخطرت ببالي فكرة أن أشارككم جمال ما أنا قد فقدت في محاولة مني لتصوير حياتها تصويراً واقعياً دون إغراق في المثاليات، أو جنوح صوب الخيال .

تلك الجميلة ، ذات العينين العسليتين والضفائر السميكة. إنها جدتي الممزوجة جمالاً وشهامة بأهل ديار العز أصلا وبطيبة القلوب حيث جازان التي ولدت فيها وغادرت الدنيا منها ودُفنت تحت أراضيها .

وكم أتمنى تصوير مجتمع حياتها داخل منزلها الذي يعانق ويتناغم برائحة معتق الصندل والعود واللبان الحضرمي مع رائحة ملابسها المتواضعة إزارا داخليا مطرزا بالنقش الهندي المذهب وثوبها ذي القماش السويسري الأصلي ومنديل شعرها الشيفون المتعدد الألوان.

فبعد رحيل جدتي لم يعوض غيابها أحد ، فرحيلها علمني أن الطيبين لا يدومون .

حلو هو كلامها ، قليلة المواعظ ، تضحك بلطف .

كسحابة تعانق الضباب تبدو وهي تسقي نباتاتها

المترفة بالحياة فتستبشر الأوراق وتثمر بالحنين والمحبة .

مجدها بين الخلق شامخ كقبة السماء

عند رحيلها بكى عليها التاجر والفقير الصغير والكبير لأن جميعهم كانوا يلمسون فيها حنان الأم الصادق .

اعيدو لي جدتي

فسلام حمل الشوق لها وعدد ماتقلد الشفق وجنتها

جميلة الالتفات حياة وممات

في حياتها تتمايل أغصان البشائر والفضائل لها

وعند رحيلها صفقت طيور بيتها بأكف أجنحتها وبشر الماء نبأ رحيلها وكأنها رحلت شهيدة

فبكى الجميع لرحيل نبضها وطيبة يانعه تتوشح بوشاح إعجاب كل من عرفها .

اعيدوا لي جدتي

فأنا أحن إليها ولأمنها وأخاف من الفراغ الذي تركته من بعدها حتى أنني أردد دائماً وأقول :

 

جدتي من أبث بعدك شكواي

طواني الأسى وقل معيني

أنت يا من فتحت قلبك بالأمس

لحبي أوصدت قبرك دوني

 

( نوال العمودي )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى