
بقلم: عبد الوهاب الدعجم
رئيس مجلس إدارة مجموعة عبد الوهاب الدعجم
العلم السعودي ومنذ تأسيس دولتنا وهو يرفرف عالياً في سماء وطننا بعزة وشموخ، وسيظل رمزاً للوحدة والهوية، ودليلاً على العزة والانتماء العميق لهذه الأرض المِعطاء الطاهرة. منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى والعلم يحمل في طياته معاني الإيمان والقوة والوطنية والمترسخة في نفوس أبناءه، ليتجسد ذلك في راية خضراء تتوسطها الشهادتان “لا إله إلا الله محمد رسول الله”. هذا الشعار الذي لم يكن ولن يكون مجرد رمز، بل هو تأكيد على التمسك بالإسلام والتفاف الشعب حول قيادته الرشيدة والحكيمة، ومع إعلان توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز آل سعود، تم اعتماد العلم السعودي بشكله الحالي ليكون شاهداً على مرحلة جديدة من النهضة والبناء، لنحتفي في يوم 11 مارس من كل عام، بمناسبة “يوم العلم” بعد أن أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أمراً ملكياً يقضي بأن يكون هذا التاريخ يوماً خاصاً بالعلم باسم “يوم العلم”.
لعلمنا الوطني العديد من الدلالات العميقة التي لا يمكن حصرها في مجرد ألوان أو أشكال. فاللون الأخضر يرمز إلى النماء والازدهار، وهو انعكاس لمستقبل المملكة الطموح، بينما تجسد عبارة التوحيد الأساس الذي تقوم عليه الدولة، وهو الحكم بالشريعة الإسلامية. أما السيف المسلول، فهو إشارة إلى الحزم في تطبيق العدالة، والتصدي لكل من تسول له نفسه المساس بأمن وسلامة الوطن.
ومن أجل ترسيخ قيمة هذا الرمز الوطني يتم الاحتفاء به في جميع أنحاء المملكة. إذ أن هذا اليوم ليس مجرد مناسبة بروتوكولية، بل هو فرصة لغرس قيم الولاء والانتماء في نفوس الأجيال القادمة، وتعزيز الوعي بأهمية الرموز الوطنية التي توحدنا جميعاً تحت راية واحدة. كما أن هذا الاحتفال يُعزز من روح الفخر الوطني، ويدفع الجميع إلى التأمل في التاريخ العريق لهذا الرمز الذي يجسد مسيرة نضال طويلة قادتها المملكة حتى وصلت إلى ماهي عليه اليوم.
ولا يقتصر دور العلم السعودي على كونه رمزاً داخلياً للوطن، بل يتعدى ذلك إلى الساحة الدولية، حيث يرفرف في المحافل العالمية، ممثلاً المملكة في المؤتمرات والفعاليات الكبرى. سواء في الاجتماعات السياسية، أو البطولات الرياضية، أو المعارض الاقتصادية، يظل العلم السعودي حاضراً، ليُعبِّر عن الهوية الوطنية، وعن الإنجازات التي تحققها المملكة في مختلف المجالات.
ولا يمكن الحديث عن الهوية الوطنية في يوم العلم دون التطرق إلى النهضة الكبرى التي تشهدها المملكة في ظل رؤية 2030. فخلال السنوات القليلة الماضية، حققت المملكة إنجازات غير مسبوقة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. فقد انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى 7.1% في الربع الثاني من عام 2024، وهو مؤشر واضح على التحولات الإيجابية في سوق العمل. كما ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العامين الماضيين، ما يعكس ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال السعودية.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت المملكة تطوراً ملحوظاً في مجالات التعليم والصحة والتقنية، حيث تم إطلاق العديد من المشروعات والمبادرات التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة، وتنويع مصادر الدخل الوطني، وتعزيز مكانة المملكة على الساحة الدولية.
إن ريادة الأعمال اليوم لم تعد خياراً، بل أصبحت ضرورة لمواكبة الاقتصاد العالمي المتغير. وقد شهدت المملكة طفرة في هذا المجال، حيث سجل الشباب السعودي أعلى معدلات تبني ريادة الأعمال منذ ثماني سنوات. هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل جاء بفضل جهود مستمرة لدعم رواد الأعمال من خلال برامج “منشآت” والمبادرات الحكومية التي تهدف إلى تهيئة بيئة محفزة للابتكار.
كما أن الحكومة السعودية توفر تسهيلات كبرى لرواد الأعمال، سواء من خلال تقديم الدعم المالي والتدريبي، أو من خلال توفير بيئة قانونية مشجعة على الاستثمار. هذه الخطوات تعكس رؤية المملكة الطموحة في تمكين الشباب السعودي، وخلق جيل جديد من قادة الأعمال الذين يساهمون في دفع عجلة التنمية.
في اعتقادي، فإن العلم السعودي ليس مجرد راية ترفرف فوق المباني أو تُرفع في المناسبات الرسمية فقط، بل هو هوية وطنية نعيشها يومياً. وكل إنجاز يتحقق في ظل هذه الراية هو امتداد لمسيرة طويلة من العمل الجاد والتضحية. إن تعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال بين الشباب يعد ضرورة ملحة لضمان استمرار النهضة التي نشهدها اليوم. فالتحديات كبيرة، لكن الفرص أكبر، والمملكة تمضي بخُطى ثابتة نحو مستقبل مشرق.
كما أن الاحتفاء بالعلم يجب ألا يكون محصوراً في يوم واحد، بل ينبغي أن يكون جزءاً من وجدان كل مواطن سعودي. فالعلم ليس مجرد رمز مرئي، بل هو تعبير عن القيم والمبادئ التي قامت عليها هذه البلاد المباركة.
يبقى العلم السعودي رمزاً للوحدة والقوة، وشاهداً على تطور المملكة ونهضتها. وبينما نحتفي به ونستحضر تاريخه العريق، علينا أن ندرك أن مسؤوليتنا تكمن في المحافظة على هذه المسيرة المباركة، والإسهام في تحقيق رؤية وطننا الطموحة. فبقدر ما نفتخر بعلمنا، يجب أن نجعل منه دافعاً للمزيد من العمل والإنجاز.
إن العلم السعودي ليس مجرد قطعة قماش ترفرف في الهواء، بل هو سجل حافل بالتاريخ، ومرآة للمستقبل، وعنوان للعزة والكرامة. ومن هذا المنطلق، يجب أن يكون لكل مواطن دور في صون هذه الراية، وحملها عالياً روحاً ومعنى، ليظل وطننا شامخاً بين الأمم، كما كان دائماً، وكما سيظل بإذن الله.