
إبراهيم بن محمد عواجي
الصمت عبادة بدليل أن الله وعد النبي زكريا أن يهب له ولداً شريطة أن لايكلم أحداً ثلاث ليال سوياً وهاهي السيدة مريم أم اليسوع عليه السلام تلتزم الصمت بعد ما ولدت المسيح وأتت به إلى قومها فأمرها الشارع عز وجل بالصمت بدليل قول الله في كتابه ( فإما ترين من البشر أحداً فقولى أنى نذرت للرحمن صوماً فلن أكلّم اليوم إنسيا).
فالصمت ليس مجرد غياب عن الكلام بل هو تعبير عن معاني عميقة داخل الشخص قد تعجز الكلمات عن إيصالها فهو سلاح الحكماء وملجأ المفكرين ووسيلة للتأمل واتخاذ القرارات الصائبة.
ففي عالم يضج بالضوضاء والكلام المتدفق بلا توقف يصبح الصمت فناً نادراً يمتلكه القليلون كما أنه أداة فعالة لمن يريد التأثير والإقناع.
فنجد أن الصمت يأخذ أشكالًا متعددة تختلف باختلاف الموقف منها الصمت الحكيم والصمت التأملي والصمت الغاضب والصمت المدروس.
فمثلاً الصمت المدروس يمنح الشخص هيبة واحتراماً ويجعل كلماته أكثر قيمة عندما يتحدث.
فالكثير من المشكلات تنتج عن كلام غير محسوب لذا فإن الصمت يساعد في تجنب الندم على كلمات قيلت في لحظة انفعال.
فعندما نمنح أنفسنا فرصة للصمت نفتح المجال للتأمل والتخطيط الأفضل لحياتنا وقراراتنا.
كذلك نجد أن الشخص القليل الكلام يكون أكثر جاذبية حيث يثير فضول الآخرين لمعرفة أفكاره ومواقفه.
كما أن الصمت في بعض المواقف يحمي العلاقات من التصعيد والمشاحنات خاصة عند الغضب.
فتجد أن الصمت عند الغضب والانفعال يكون درعاً يحمي من ردود فعل لا سمح الله عندما يكون الكلام غير لائق.
الصمت ليس ضعفاً ولا هروباً بل هو فن يحتاج إلى إتقان وكما قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : “ إذا تم العقل نقص الكلام”.
فكلما زاد الإنسان حكمة قل كلامه وصار أكثر قدرة على استخدام الصمت في وقته المناسب.
كما أن الحياة تعلمنا … متى يكون الصمت سمو ومتى يكون الصمت عار ومتي يكون الصمت فقر ومتى يكون الصمت راحة للروح.
قال تعالى في كتابه الحكيم : ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي.