
فاطمه بكري
جازان _ العارضة
في هذا العالم الذي يسير بسرعة فائقة، حيث تتلاحق اللحظات وكأنها غيوم عابرة، تظل الكتابة هي الوسيلة الوحيدة التي تعيد لنا توازننا، وتُثبت قدمينا في الزمن. الكتابة ليست مجرد تجميع لكلمات، بل هي لحظات مُختارة، تنبع من أعماق الروح، وتنقلنا إلى عوالم لم نعرفها بعد، كأنها تضيء الطريق في الظلام.
كل كلمة تكتبها يدنا هي بمثابة قطعة من قلبنا، تعبر عن أحلامنا وآلامنا، وتُترجم أحاسيسنا إلى صور ملموسة يمكن أن يشعر بها الآخرون. الكتابة هي الرسالة التي نحاول أن نبعث بها إلى العالم، والأثر الذي نتركه وراءنا، يشهد على مرورنا في هذا الوجود. هي تذكرتنا للخلود، ليس في الأجساد، بل في الأفكار والمشاعر التي تتجاوز حدود الزمان والمكان.
وعندما نكتب، لا نبحث فقط عن كلمات للتعبير، بل نبحث عن معانٍ أعمق، نتلمسها في الزوايا المخفية لعالمنا الداخلي. الكتابة ليست مجرد كلمات تُنطق أو تُكتب، بل هي تجربة تُغني الروح، وتُثري العقل. عندما نقبض على القلم، نكون قد بدأنا رحلة خاصة، ندون فيها كل تفاصيلنا الصغيرة والكبيرة.
الكتابة تمنحنا الفرصة لنكون صادقين مع أنفسنا، لأننا نكتب ما لا نستطيع قوله للآخرين. هي لغة تفهمها الأرواح قبل الألسن، ووسيلة لخلق تواصل لا يحتاج إلى كلمات كثيرة، بل إلى عيون مفتوحة على عمق الفكرة وقلب ينبض بالحياة.
لكن الأجمل في الكتابة أنها لا تقتصر على اللحظة التي نكتب فيها فقط، بل تستمر في العيش معنا ومع من يقرأها. فكل نص هو شعاع ضوء يعبر الأزمان، ويتسلل إلى نفوس القراء، يتفاعل مع أفكارهم ويشعل خيالهم. الكتابة تصبح أداة لخلق الروابط بين البشر، لفتح أبواب الفهم والرحمة، ولإظهار الجمال في أصغر التفاصيل.
وفي النهاية، الكتابة ليست مجرد هواية أو عمل، بل هي طريقة للحياة. هي امتداد لوجودنا، جسر بين الماضي والحاضر والمستقبل، طريق نحو الأمل، ورسالة تحمل في طياتها كل ما نريد أن نخلده. هي الحياة التي نعيشها بداخلنا، تخرج لنا على صفحات ورق، لتظل شاهدة على ما عشنا، ولتكون صدى أرواحنا عبر الزمن.
النهاية