مقالات مجد الوطن

الشيخ صالح العساف كما عرفناه

بقلم / أبرار الحق مولوي

الحمد لله على ما قضى وقدر ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون، إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى؛ فلنصبر ولنحتسب .
أكتب هذه السطور على عجالة من غير ترقيم ولا ترتيب حسبما يستحضره الخاطر ويحبره القلم بمداد من الحزن والأسى، بعد أن فاجأنا عصر اليوم نبأ وفاة الشيخ أبي عبد الله صالح العساف رحمه الله تعالى وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان .

يعد -رحمه الله تعالى- بحق وواقعية- رائدا فريدا للأعمال الدعوية والعلمية والاجتماعية والخيرية في مكة المكرمة وضواحيها منذ أكثر من عقدين.

كان -رحمه الله تعالى- نبراسا في طرح الأفكار والمقترحات والحلول لخدمة العلم وأعمال البر والدعوة.

كان -رحمه الله تعالى- يتحلى بصبر عجيب وجلد غريب في تنفيذ المشاريع التي يعم نفعها وينمو زرعها ، لا ترى فيه كللا ولا مللا ، نشاطه في نهاية المطاف كنشاطه في أوله! حقا كان مثالا للصبر !.

كان -رحمه الله تعالى- شعلة متّقدة في تطوير فكرة تحفيظ المتون العلمية بأم القرى وما حولها، يعرف كيف يبثها وينشرها بين الطلاب والبراعم والأجيال الصاعدة، ولا تسلنا عن تشجيعه السامي لبرامجها وأنشطتها ، يوفر لها الحوافز والجوائز والمكافآت، ويدعمها بكل السبل والوسائل المتاحة ، ثم يفرح بالنتائج، (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يُؤتكم خيرا مما أُخذ منكم ويغفر لكم).

كانت مجالسه مثل مجالس الشيخ ابن باز -رحمهما الله تعالى- مكتظة بالدعاة وطلبة العلم والوجهاء وقوافل الدعوة وذوي الحوائج والمسكنة من جميع الجنسيات ، ويحاول أن يسمع لكل من حضر مجلسه ، ويحقق له طلبته شافعا أو معطيا أو مبشرا (من فرج عن مسلم كربة فرج عنه كربة من كرب يوم القيامة).

خدم -رحمه الله تعالى-التعليم العام مدرسا ووكيلا ومديرا وموجها ، فأنتج -بتوفيق الله تعالى له وتسديده- جموعا غفيرة من المربين والمصلحين والمحفظين في أرجاء مكة وضواحيها.

كان -رحمه الله تعالى- يلج الأحياء الفقيرة بمكة؛ دعما للمراكز الصيفية والدورات العلمية، ومشجعا للقائمين عليها، ومكرما طلابها ؛ فدخل مساجد ومراكز شارع المنصور والستين والرصيفة ، وصعد سفوح جبال النكاسة والتابعين والمواركة والبلدية وغيرها، متابعا سيرها وسائلا عن أعداد الحافظين للمتون ؛ فكان من نتاج ذلك أن غدا طلابه وطلاب طلابه ينهجون هذا المسلك النافع .

– كان -رحمه الله تعالى- سببا في بناء أسر مسلمة ؛ يشجع الشباب على الزواج والإقبال عليه بمكافآت وشفاعات ، وكان يقول ما معناه : (الزواج المبكر زمن الفتن عفة وبركة) .

– كان – رحمه الله تعالى- الوجه البديع والمحرك السريع لفعاليات مخيم الربيع، على طريق جدة، والذي كان من ضمن برامجه المتميزة: استضافة المشاهير من الدعاة ، وكان يحضر لمحاضراتهم الجم العظيم من البشر .

كان -رحمه الله تعالى- يستثمر لقاءاته وجلساته مع كل فئات المجتمع؛ فيطلب ممن حضرها -وبكل تواضع وعفوية- المقترحات لتنفيذ مشاريع نوعية تناسب خصوصية مكة ؛ فانبثقت منها أفكار وبرامج في استقبال الحجاج والمعتمرين وخدمتهم ، وزوار المسجد الحرام، ومقابلات مع محفظي القرآن ومدرسي المدارس الخيرية لمدارسة أحوالهم وأوضاعهم، ومحاولة تذليل ما يواجهون من عقبات ، وبرامج للملاعب وصالات الأفراح وغيرها … ومن زار مؤسسة (عناية) وقبلها مؤسسة الحرمين وبعدها المستودع الخيري -فرع مكة- أدرك غيضا من فيض أعمال الشيخ -رحمه الله تعالى .
اللهم ارحم عبدك صالحا واجعله عندك فالحا، واغفر له، وكثر حسناته، وكفر سيئاته ، واجزه عما قدم ومنح للإسلام والمسلين خير الجزاء وأوفاه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى