مقالات مجد الوطن

نظرية الاهتمام

بقلم الكاتب/ مراد محمد الفوز

الاهتمام مشكلة موجودة بمجتمعنا، و الكثير يعاني منها سواء قلة أو كثرة الاهتمام من الأهل أو من المحيطين به ، أما الخارجي الذي نعني به اهتمام العالم وصوت الأشخاص المؤثرين في عالمه.

فالخارجي لا يؤثر كالداخلي لأنه اهتمام طبيعي لا يكون على الشخص تأثير من الخارجي وعموما هنالك أنواع وأشكال كثيرة لقلة الاهتمام؛ كعدم الاستماع للشخص أو عدم الإكتراث برأيه أو عدم الالتفات إليه أو بمقارنته وتفضيل الآخرين عليه.

طبعا هذه لها تأثير كبير قد ينتج منه عداوة كقولنا : أُنظر إلى فلان أو التفضيل مثل الاهتمام بشخص أكثر من غيره والاستماع لهذا أكثر من ذاك.

و تلك أضرار مدمرة جداً خصوصًا على الصغار بالعمر بسبب احتياجهم للاهتمام، ومن الأضرار المترتبة على ذلك:(ضعف الشخصية وانفصامها وهشاشتها أي أنها قابلة للكسر على أية حال).

وستُصبح شخصية هذا الإنسان أضعف بكثير مما يجره للإنطوائية والبعد عن الآخرين كذلك يسبب هذا السلوك هدمًا للعقل وظلمًا لشخصيته.

ويصبح الذي لديه أفكارًا ابداعية مُتحجرًا عقليًّا بسبب انهدام أفكاره وعدم طرحها لأن رأيه من البدايات لم يُسمع، وقد يسبب انعدام ثقته بالعالم حوله حتى أهله وأقرِباءه نظرًا عدم استماعهم له وعدم مراعاة مشاعره.

والمشكلة الكبرى من الممكن عدم ثقته بأحد ستجعله يتبع قلبه وهواه كقول وليم شكسبير “في الحب نكون كالأطفال ، لا نحسن التفكير ولا التحمل ، يفرحنا الاهتمام ويبكينا الإهمال” وبسبب تقدم عقله بعمر الستين عامًا إلا أنَّ قلبه باقٍ كقلب طفل بعمر الخامسة أو السادسة، المقصود هو بحثه عن الاهتمام من أي شخص كالغريب، ولو احس بالخطر من الغريب سيبقى يتبع قلبه ويثق فيه رغما بأنه لا يثق بأي شخص بحسب رأي بادن باول دي أكينو “عندما يجد الصبي من يهتم به ، يستجيب ويتبع”.

وأنتم تعلمون بهذا المجتمع ليس كل غريبٍ صالح يوجد منهم الضار أيضًا، قد يسبب الاختطاف وقد يضر نفسه ومن الممكن أن يتأذى من هذا الغريب.

وهذا حصل بسبب اتباعه لمحرك سائر أعضاء الجسد ألا وهو القلب، وثقته الذي اكتسبها منه أثرت عليه بقناعته ولم تؤثر قناعة عقله وهي: عدم الثقة بأحد ولكن قلبه احتاج للاهتمام فذهب وراء قلبه فلا يوجد شخص لا يحتاج للاهتمام مثلما قال نجيب محفوظ “مهما كبرنا ، تبقى قلوبنا كالأطفال ، تحتاج الاهتمام” فالاهتمام مطلوب لجميع الفِئات العمرية وبالأخص للصغار بالسن؛ لعدم تعقيد شخصياتهم والإضرار بحقهم بسبب قلة الاهتمام.

أما عن إكثار الاهتمام – من مستحيل ألا يصبح لها أضرار لأن المتعارف عليه “كل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده” .

بمعنى كثرة الاهتمام تزيد الراحة والرخاء والاستمتاع بالحياة، ولكن العالم الخارجي مُحالٍ أن يكون اهتمامه لك بهذا الشكل.

وبالنسبة للعالم الخارجي قد لا يعرف أن يتصرف الشخص بنفسه، لأن الاهتمام الذي حصل له لم يكن بحاجة أن يعتمد على نفسه، لاهتمام الناس بحاجاته، فقد يصبح متفتحًا ذهنيًّا في يطرح رأيه بكل أريحية ولا يثمن كلامه “ولكل مقام مقال”.
فهنالك أشياء ليست مناسبة أن تُطرح بأمكنة معينة حتى لو كانت من فكر إبداعي، فالشخص لم يتعلم الاعتماد على نفسه وتثمين كلامه فهو لم يتعلم كيف يتصرف ويعتمد على نفسه في هذه المواقف.

وهنالك أُناس يتحسسون بسرعة لعدم تقبل العالم لهم فهم يعيشون حياتهم كأنهم أطفال بمعنى “اطلب تجد” وقد تصل لأن يتعرض لصدمة نفسية إذا رفض العالم لرأيه أو طلبه، وممكن أن يصل لأمراض نفسية كالاكتئاب والانطوائية وتعنيف الذات.

والأكبر من ذلك عدم الالتفات لأخطائه لعدم تنبيه أحد له، قد تصل لجرائم يرتكبها ولا يعلم أن الذي يفعله أمرًا فادحًا.

فالأفضل بموضوع الاهتمام الاعتدال بحيث يكون الاهتمام موجود والشخص يعتمد على نفسه كالاهتمام لرأيه وأموره وتعليمه أن الاعتماد على نفسه بأمور مقدور عليها، مع تشجيعه للاعتماد على نفسه ليتطور ويبدع ويصبح أفضل كما في المثل “‏وإذا رأيت الفرع مثمراً ، فاعلم أن الجذور أصيلة”.

فمن الاهتمام تشجيعه على التغيير الدائم وعدم ظلمه وقمع أفكاره وابدعاته وجعله يتطور لجعله مثاليًّا، وإذا اخطأ لابد أن يتجنب خطأه مرة أخرى وعدم عقابه لكي لا يتمرد؛ فالأفضل أن يكون الاهتمام معتدلًا و لا زيادة عن الحد.

مراد محمد الفوز
مُهتم بالقضايا السلوكية
muradalfuoz@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى