مقالات مجد الوطن

وردة بيضاء في ممر أبيض

 

محمد الرياني

 

أصحو ضجرًا، ليل طويل، أحلام وكوابيس تفرقت في سنة واجتمعت في ليلة، اختناق غير مسبوق جراء تكالب مخالب الأحلام، ماء بارد بفعل الشتاء الذي يضرب أسطح المنازل، خزانات المياه انتظرت بفارغ الصبر كي تودع حرارة جثمت على بطونها، شعري الكثيف لم يمنع الرعشة التي أصابتني من برودة الماء ومعها جو الاغتسال، لم يدم البقاء طويلًا، المنشفة السوداء الثقيلة ساهمت إلى حد ما في تخفيف المعاناة، اصطدم رأسي بعتبة الباب، تألمت كثيرًا، ابتسمت أكثر وقلت لعل الاصطدام يطرد هاجس الأحلام، نصف ساعة استغرقتها كي أنتقل من جو الكوابيس والرعشة الباردة إلى الممر الأبيض الذي سلكته، وقع نظري على وردة بيضاء ناصعة، كل الأنظار تجاوزتْها إلا بصري لم يتجاوزها على الرغم من اختلاط لون الممر بلونها، وقفتُ والذين حولي يروحون ويجيئون، مددت إلى الوردة البيضاء يدي، كل ملابسي في هذا اليوم كانت بيضًا ، الفضوليون ينظرون إلى الوردة التي يبدو أنها قطفت من الحديقة للتو وجيء بها لتفتنني، احترت أين أضعها؟ جيبي الأيمن يمتلأ بالأوراق والقصاصات، وجيبي الأيسر يعج بمحفظتي الصغيرة وجهازي النقال، لم أشأ أن أزاحم بها قلمي الذهبي على جيبي الأيسر العلوي، عزمت على أن أحتفظ بها في يدي، لاشيء يعدل انبعاث شذاها في راحة كفي ، تركتُ الممر وأشياء أخرى جئتُ لأجلها بسبب وردة بيضاء سلبت من الممر روعته ونبتت حول أصابع يدي، تثاءبت بعمق وأنا أضع يدي على فمي، تذكرتُ أحلام البارحة، انتظرتُ الليل الجديد، نمت والوردة على صدري؛ لكن ليل الأحلام سكب عليها سواده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى