مقالات مجد الوطن

اشتعال

 

محمد الرياني

 

ضربتْ كفًّا بكف، اختلطَ العطرُ فاشتعلَ بين ثنايا أصابعِ كفَّيْها، أرادتْ أن تُشعلَ الغيْرةَ عندي كما فعلتْ بريحِ العطر، أعادتْ ضربَ كفٍّ بكف، لم أكترثْ وتجاهلتُها، تنحنحتْ لتجذبني، وضعتْ كفَّها على فمِها، لمعَ مع سطورِ الشمسِ لونُها الذهبي، وضعتُ كفِّي على فمي بلا شعور ، شعرتُ بمرارةٍ تكادُ تحرقُ داخلي، غفلتُ عنها فاختفتْ عن ناظري، بقيَ مقعدُها يحملُ ذكراها، جلتُ ببصري في الجهاتِ الأربعِ ومابينها فلم أرها، وبلا إحساسٍ رفعتُ بصري نحوَ السماء، سألتُ نفسي وهل لها جناحان لتخترقَ الفضاء؟ حاولتُ أن أسلِّي نفسي بمقعدها الذي تركتْه وحيدًا، ما أروعه!! جلستُ مكانها ووضعتُ كفي اليمنى مكان كفها واليسرى مكان اليسرى، أردتُ أن أسلبَ من خشبِ المقعدِ بقايا العطر، شممتُ أصابعَ يدي اليمنى لعلي أجدُ الشذى المعتق، وضعتُ الأخرى بعدها على أنفي، لم أعد أرى شيئًا في الظُلمةِ التي حلَّتْ مع انقضاءِ النهار، جاء الليل، طبقُ السماءِ أسفرَ عن النجومِ والوحشةِ والدهشة، جاءتْ مع الليلِ والعطرُ يسبقها، يشبه الشذى بقايا الريحِ في المقعد، بلا شعورٍ تركتُ لها المقعد، ضربتْ كفًّا على كفٍّ وأوعزتْ إليَّ بأن أبقى، أخذتْ تطوفُ حولي ولها بريقٌ يشبهُ بريقَ النجوم، كان الليلُ حالكَ السوادِ بينما كفاها تضيئان في الظلام، اختلطَ ريحُ العطرِ بالسوادِ الذي أطبقَ على المكان، تمنيتُها ليلةَ عطرٍ لأرى اشتعالَ أصابعِ كفَّيْها في الوحشة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى