مقالات مجد الوطن

رائحة

 

محمد الرياني

ازدحامٌ شديدٌ بالخارج، فتحتُ الباب لأدخل فلم ينفتح، كان آخر واقف في الانتظار ظهره ملاصق للباب، عرفتُ ذلك عندما انفتح الباب، وَأنا أغلق الباب خفتُ على نفسي من قادمٍ يدفعه نحوي بشدة ولكن هذا لم يحدث، يبدو أنني آخر واحد يقف وسط الزحام، كان كلُّ واحدٍ يشتري يخرج رافعًا يديه من الفرحة، المنتظرون يتذمرون من التزاحم في جوٍّ خانق، الذي يقوم بالمهمة يقبع داخل غرفة صغيرة واجهتها من الزجاج، كلما تقلص الصفُّ شعرتُ بشيء من الارتياح؛ فموعد وصولي للشباك قد اقترب، سألتُ نفسي كل هذا الانتظار من أجل البيض، سرحتُ كثيرا، تذكرتُ الدجاج الذي كنتُ أطارده في فناء الدار وحبّاتُ البيض التي كنتُ أجدها في الحُفر وبين شبك الدجاج والملابس القديمة والأكياس، في هذه اللحظة ناداني من الداخل، لم يبق إلا أنت، كم تريد من الأطباق؟ سكتُّ ولم أنطق، أصبتُ بالذهول، قلتُ له هذا أنت، حدثتُ نفسي، هذا أشهر سارق للبيض والدجاج في حيّنا، ماالذي جاء به إلى هنا، كرر عليَّ السؤال، كم تريد…، أريد أن أغلق المكان، قلتُ كذا وكذا، سجل في ورقة عدد الأطباق وأشار إليّ أن أتجه إلى مكان آخر لاستلامه، دفعتُ له المبلغ فرفض بشدة، قال لي :خذ البيض ولاتعدْ مرة أخرى، لا أعرف إن كان قال ذلك مازحًا أم جادًّا أم خائفا، ذهبتُ إلى مكان الاستلام، مددتُ يدي نحو المسؤول عن الصرف، يبدو أنني أو هو لم يحسن التوقيت، سقطتِ الأطباق من بين أيدينا، تغيّر لونُ الأرض نحو الأصفر، فاحتْ رائحة، وضعتُ يدي على أنفي وغادرت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى