محمد الرياني
لم يشأ أن يغير غرفتها التي نظمتها يدها كعقود فلّ، أو حبات من لؤلؤ، لم تطاوعه نفسه أن يمنع الريح من أن يدخل ولايجد صحونًا معلقة فلايحركها مثل عازف لايجد آلة يمتع بها محبيه، حتى الفناجين الفخارية بقيت مرصوصة في السلة البنفسجية لم يمسها أحد، ظلت نظيفة على آخر غسلة من يدها، كل مافعله هو انتظار الهواء القادم نحو الباب الغربي، يعترضه قبل أن ينشر رائحة الفل الذي سقته يدها ، أوقطفته في قمة استوائه ليستنشقه معها، عندما غادرت الغرفة عاهد نفسه أن يتلو عباراتها التي كانت ترددها وهو معها، لايوجد غير الصدى يعيد صوته في الغرفة التي لبست بعض رائحة ثيابها حزنًا عليها، في الصباح لم يأت سوى بعض نسوة كن يشربن القهوة المحلاة التي تسكب ماءها الساخن على جمر الموقد فيأتين على الرائحة، يجلسن على أطلال مشروبها السحري، يحتسين ويبكين على الظلال التي جمعتها بهن، بعد آخر احتساء لهن هزّ الهواء الصحون بشدة، تساقط بعضها على الأرض الرمادية، وقعت الفناجين من هول الاهتزاز، انكسر بعضها، خرجت الرائحة الحزينة التي تسكن أشياءها من الباب الآخر الذي ضربه الهواء، ترك كل شيء في مكانه حتى الذي تشظى، أغلق البابين، الباب الجنوبي الذي غادر منه الحزن، والباب الذي اعتاد البقاء فيه ينتظر الذكريات، هجر الغرفة يتيه بلا عنوان، لم يعد لموسيقى الصحون أو تحريك الفناجين معنى .