محمد الرياني
في الطريق إلى البقالة التقيتُ زميلًا قديمًا لم أره منذ زمن، أمسك بيدي وقال أنت معزوم، قلت يارجل من يضّيف أحدًا في الصباح؟ ، لاتخلق لي مشكلة في هذا الصباح، قال لي: لاعليك، اطمئن ودع الخوف، ذهبتُ معه وأنا أتوجس من ضيافته، دخلتُ معه البيت، أجلسني في غرفة صغيرة مجاورة للمطبخ، لم أر مدعووين أو أسمع ضجيجًا في البيت، ناداني بعد قليل ورائحة البصل تفوح من المطبخ، أقبلتُ نحوه والسكين بيده، انتباني شعور ممزوج بالخوف، شككتُ في عقل وأخلاق هذا الصديق الذي قد يكون تغير مع الأيام، خفتُ على نفسي من جريمة مع نسائم الصباح، أجلسني على كرسي يقابله، ناولني حبتين من الطماطم وطلب مني تقطيعهما إلى شرائح متوسطة، لم يسبق لي أن دخلتُ المطبخ إلا لشرب الماء أو للسؤال عن الطعام جاهز أم لا، شرعت في التقطيع وعيني على أصابع يدي خوفًا من أن تجرحها السكين، بينما هو يضع الزيت في القدر والنار تحتها، ناولته الطماطم ليضعها على الزيت والبصل، سارع بفتح علبة بازيلا بسرعة ومهارة، أفرغ الماء الذي أحاط بالحبيبات الخضراء ثم جعل يقلبها حتى إذا حان النضج وضع البهارات والفلفل الأخضر وقلبها مجتمعة وأنا أتعجب من زميلي وضيافته، لم أقل له إنهم ينتظرونني على إفطار مثله، أخرج من الثلاجة أربعة أرغفة من الخبز ووضعها على النار كي تحمس من برد الثلاجة، صبََّ لي كأس شاي وله بالمثل، وقال سمِّ الله وافطر، ضحكتُ حتى كادت أول لقمة أن تغلق مجرى تنفسي، سألني وأنا غارق في الضحك عن أحوالي فأخبرته، سألته عن حاله فقال هذا هو الحال بعد سفر زوجتي وأبنائها ، غسلتُ يدي وأنا أستعجل الخروج فأنا لا أفرط في إفطار البيت، عدتُ وهم ينتظرونني عند الباب، خيرًا، ماالذي أخرك؟ البازيلا بردت ونحن نننظرك، ضحكتُ حتى كدتُ أن أقع على ظهري ويدي على فمي أشمُّ بقايا الإفطار، قلتُ لهم بصراحة :كنتُ معزوما، ردوا عليَّ ومن يعزم الناس في هذا الصباح على خروف؟ يظنون أن اللحم هو الذي يدعون الناس لأكله، أخذت علبة البازيلا التي لم ترم بعد في سلة النفايات التي في المطبخ، قلت :كنت معزومًا على علبة (بزاليا خضراء) ، جلستُ أشاركهم الإفطار للمجاملة، لم أقل لرفيقة الدرب إني قد تعلمتُ تقطيع الطماطم عند الذي دعاني لوليمة خضراء إذا ما سافرت وتركتيني أذرف الدمع من رائحة البصل.