محمد الرياني
– وقفا عند برج الحديد الشاهق يتأملان الارتفاع، تتمازح فوقه النسور وهو منتصب في شموخ، والنبات قد التف حوله من أسفله إلى أعلاه، والفراشات البيض تلعب في خفة حتى أسقط بعضها الهواء عندما ارتفعت، قالت له: لو كان هناك ذرة شعور أو إحساس عنده ماسمح للنبات أن يعلوه ولا للفراشات أن يرقصن على جانبيه، ظلت تنظر إلى قامته وهو يتلفت حوله هل يوجد فراش يرقص على رأسه أو على جانبيه؟ مرّ بجوارهما على الطريق الترابي جملٌ أبيض عملاق يضرب بخفيه على التراب فيحدث صوتًا وهو يتفلّت من صاحبه وعيناه صوب الأشواك الخضراء، وثب من على قمة بناء الحديد الطويل طائر أبيض فوقع على ظهر الجمل، قال لها : انظري إلى الجمل لم يطرد الطير من على ظهره، قالت : ذيل الجمل قصير لايستطيع الوصول إلى كل مكان فيدافع عن نفسه، ومع هذا يحاول فعل شيء، ظل الطائر يهرب مع كل حركة هواء يحدثها الذيل، في منتصف الطريق طار مالك الحزين نحو البرج العالي ليضايق الفراشات، هدأ الجمل ومضى غير مكترث بمن اعتلاه ، ذهب مع أمه نحو أصل النبات فاجتثه لينقذ البرج ، انقطع الأصل وبقيت الساق الضعيفة تلتف بإباء حول الصفيح، قالت له مهما فعلت لن تتمكن من هذا الضعيف الذي أحكم القبض على هذا العملاق الميت، دعنا نغادر المكان وندع الاثنين في شأنهما، عادا إلى الظل مرة أخرى بعد مدة، فوجدا الفراش يرقص بكثرة و قد نبت الأصل من جديد، نظرا إلى فروعه وهي تتشبث برأس البرج.