رثاء في الفقيد / نا صر أحمد عيه معافا رحمه الله.
دمعٌ تغرغرَ في عينيَّ وانسكـبـا
كالنارِ أحرقَ جفنَ العين والهُدبا
والحزنُ يأكلُ من صدري وينهشُني
حتّى كأنَّ فؤادي قد غدا حطبا
وا قهرَ قلبي ودعتُ الفقيدَ وقدْ
تفطّرَ القلبُ وازدادَ الحشا كـربا
مالي أودِّعُهُ والحُزنُ يعصفُ بي !
مالي عليهِ كسيفٌ أصطلي لهبا !
الناسُ تنظرُ ما آلَ ( البديعُ ) لهُ
وكنتُ أنظرُ وجهي بعدما شحُبا
لا لـومَ إنَّ فـؤادي بـعــدَهُ حِمـمٌ
والصدرُ جلجلَ بالأحزانِ واضطربا
يا كـلَّ باكيـةٍ إن البكاء على
مقري المساكين والأيتام قد وجبا
حقَّ البكاءُ على ( رمز ِ البديعِ ) فيا
هذي المآذنَ نوحي واغسلي القُـبَـبـا
عنّا ترجّلَ للرحمن ِ واستبقى
لنا الأنينَ وحزنا في الرُبى نشبا
( شيخٌ كأنَّ وقارَ الأرضِ لحيتُهُ )
ورِعٌ تخلّـقَ بالقـرآنِ واحتسـبـا
كـنّـا نـراهُ إمامـاً مُشـرِقاً فطنــاً
كنَا لنحـسبـهُ بيـن الربــوعِ أبــا
كُنّا نفتِّـحُ آذانَ القلـوبِ لِـمـا
يُلقي فنحفظُ مما قالهُ خُطَبا
معلمٌ تحفظُ الأيــامُ بصمتَـهُ
وتحفظُ الصحفُ البيضاء ما كتبا
فقدتفانى لطلب العلم معتمدا
على الذى كتب الأقدار والسببا
والآن يرحلُ عنّا كالنهارِ بِــــلا
يدٍ تُلـوّحُ أو ثغرٍ يقــولُ نبــا
لكنَّهُ وبرغمِ الموتِ ما رحلتْ
عنّا محاسنُهُ الخضراءُ مُذْ ذهبا
مازالَ بينَ وجوهِ القومِ مبتسماً
مازالَ في الجُمعِ الغراءِ مُختطِبا
مازالَ يعبرُ في أحيائنا عـطِــراً
قبلَ الأذانِ من الرحمنِ مُقتربـا
مازالَ يشرقُ من كل الجهاتِ سنا
ما غابَ عن مُهجِ الأجيالِ واحتجبا
مازالَ يُصلحُ بينَ الناسِ مُبتسماً
ويستزيدُ رسوخاً في الورى وإبا
( فالشيخُ ناصرُ )لا تخفى مناقبُهُ
عن الجميعِ فسبحانَ الذي وهبا
( الشيخُ ناصرُ ) للأخلاقِ مدرسةٌ
لِذا توطّدَ في الأجيالِ واقتربا
مِنْ أربعينَ إلى المحرابِ مرتحلٌ
والآنَ ودَّعهُ المحرابُ وانتحـبــا
عليـهِ رحمـةُ ربى ما همى مطـرٌ
على البقاع بفضل الله وانسكبا
يارب عبدك قد وافى إليك فهبْ
عفواً لهُ أنت ربي خيرُ من وهبا
واسكنهُ ربي بدارِ الخلدِ إنكَ لا
تنسى دعاء فقيرٍ جاء أو طلبا
الشاعر / أحمد محمد أحمد زقيل