قصة مصورة كتبها : مبارك بن عوض الدوسري
من رحم الألم والمعاناة تحدى القائد جمعان الزهراني إعاقته وكتب قصة نجاح « الكشاف قاهر المستحيل »، مُسطراً قصة نجاح مميزة أحتلت مكانتها بين قصص من يعانون إعاقات مختلفة ، متحدين كل المعوقات ليثبتوا للجميع أنهم موجودين وأن الإعاقة الجسدية أو الحسية لاتقف في طريق الإنسان متى توفرت لديه الإرادة .
ولد بطلنا جمعان الزهراني عام 1980م بالرياض ، ولم يكن هناك مايدل على وجودة أية إعاقة لديه إلا ضعفاً بسيطاً في النظر تبين مع نموه ، والتحق بالتعليم العام ودرس مع أقرانه الأسوياء ، ومن صف الى صف بدأت ملامح ضعف النظر تزداد حتى انهى المرحلة الابتدائية ، حينها فقد بصره تماماً ، ليضطر والده الى إدخاله الى معاهد النور الخاصة بالمكفوفين ويبدأ رحلة جديدة لدراسة المرحلة الابتدائية من جديد ليتعرف على طريقة برايل للمكفوفين ، وحينها تولد لديه حب العمل التطوعي ، حيث كان أكبر زملائه باعتباره درس المرحلة الابتدائية مرتين قضى في تلك المرحلة 12 عاماً ، حتى وصل المرحلة الثانوية حيث دفعه شغفه وحبه للعمل التطوعي الى الالتحاق بالوحدة الكشفية الخاصة بالمعهد ، وتسنم في الثالث الثانوي عريف أول الوحدة لما تميز به من قدرات قيادية بين أقرانه ، ثم التحق بالتعليم الجامعي وحصل على درجة البكالوريوس عام 2007 بتقدير جيد جداً في تخصص ” الخدمة الاجتماعية ” التي زادت من رصيده المعرفي والمهاري لممارسة عشقه الكشفي التطوعي ، وتعين مباشرة في عام 2008 معلماً في معهد النور للمرحلة الثانوية في جدة يقوم بتدريس مواد علم الاجتماع وعلم النفس ومكتبة وبحث ، وبعد عامين انتقل الى معهد النور بالرياض حيث أستقر به الحال وبدأ في تكوين الوحدات الكشفية لمختلف المراحل بالمعهد ، ومن ثم بدأ في تأهيل نفسه كشفياً حيث التحق بالدراسة الأولية ومن ثم التأسيسية ، أتبعها بالمتقدمة تحصل خلالها على تقدير ممتاز في جميع الدراسات ، قدم بعد ذلك بحثه للحصول على الشارة الخشبية والذي كان عن ” الكشافة ودورها في خدمة المجتمع ” حيث أقرت جمعية الكشافة العربية السعودية منحه الشارة الخشبية وتقلدها عام 2017م .
ولأن جمعية الكشافة العربية السعودية قد أولت ذوي الاحتياجات الخاصة اهتماما يستند الى روح الرسالة الكشفية ذات البعد الإنساني والأخلاقي فقد منحت بطلنا ” جمعان الزهراني ” كما منحت غيره الفرصة بعد أن أثبت جدارته حيث تولى قيادة غرفة العمليات اللاسلكية في المخيم الذي اقامته جمعية الكشافة للاحتفال باليوم الوطني للمملكة الـ 83 عام 2013م ، وبعد النجاح الذي حققه منحته الجمعية ثقتها بعد حصوله على الشارة الخشبية بالمشاركة في ادارة غرفة العمليات اللاسلكية بمعسكرات الخدمة العامة لخدمة حجاج بيت الله الحرام والبالغة 10 معسكرات فرعية ،كما شارك في العديد من المناسبات المحلية الوطنية .
لقد سجل بطلنا جمعان الزهراني نجاحات من خلال عمله الكشفي التطوعي جعلت القنوات الفضائية في الحج تتسابق على أن تشمل تقاريرها الموسمية ذلك النموذج الذي جاء منسجماً مع توجهات الاستراتيجية الكشفية العربية والمحلية في مجال التحديات المرتبطة بالتنمية البشرية ، وهو الذي يلتقي مع توجهات الاستراتيجية العالمية ، المتعلقة بالتواصل مع المجتمع وإزالة الحواجز والعمل مع كافة شرائح المجتمع .
جمعان الزهراني دائماَ مايؤكد أن الإعاقة ليست بالجسد ، بل الإعاقة بالفكر ، وأن توكله على الله ثم التشجيع والدعم الذي وجده من جمعية الكشافة كان الخطوة الناجعة التي جعلت منه إنساناً وقائداً كشفياً ناجحاً لديه الكثير من المبادرات التطوعية لخدمة المجتمع ، ولديه طاقات وتحديات سخرها لخدمة الكشفية ، ونختتم قصته تلك بقوله لنا ” أحمد الله سبحانه وتعالى الذي أخذ مني النظر ، وجعل لي لساناً ذاكراً شاكراً حامداً ، وأنه بفكره وعقله بتوفيق الله من قرر أن يكون ذا إرادة وثقة بالمستقبل ، ولم ينهار أو ينعزل حينما فقد بصره .