محمد الرياني
جلبوه لمَّا رأوا حاله البائس في الميدان ، فعلوا ذلك ليكسبوا أجره ويطردوا بؤسه، هم اثنان شقيقان مع والديهما يسكنان في فناء واسع، الدجاج والعصافير تقوم بأعمال النظافة بالتقاطها لكل شيء في الفناء، سألوه عما إذا كان يجيد النظافة فهزّ رأسه بالإيجاب دون أن يتكلم، جلس بينهم غريبًا يأكل وعينه على الأرض متزحزحًا عن دائرتهم لاتكاد يده تلحق مافي الإناء، ينادونه أن اقتربْ ودعِ الخجل، يزداد نظرًا إلى الأرض ، اللقيمات التي يأخذها بيد تسقط عليه فيلتقطها من الأرض وأحيانًا تتلقفها يده اليسرى قبل أن تقع ، عجبًا لهذا العامل الذي يريدونه واحدًا منهم ، انتهى من تناول الأكل واتجه ينظف الفناء مع الدجاج في الصباح، وضعوا له سريرًا تحت شجرة ليرتاح عليه عند الشعور بالتعب أو حرارة الجو، أو يخرجه من تحتها عند المبيت، في اليوم الثاني حضر للإفطار وهم يشجعونه بالاقتراب ، تفرقوا ليفسحوا له المجال، امتدت يده أكثر من الطعام ولايزال ينظر إلى الأرض ويجمع المتساقطة على الأرض، شبعوا وذهب نحو الظل ليرتاح قبل عمله اليومي، أعجبه منظر الدجاج وحسنه وهو يصدر أصواتًا مع كل التقاطة من الأرض، في صباح يومٍ جديد جلس قبلهم على الطعام، فرحوا بهذه الجرأة منه ، بدأت عينه تخرج عن مسارها و ينظر إلى أعلى، تركوه يأكل على راحته وسيأتون بطعام آخر لهم ، طاف في أرجاء المكان، أحصى الدجاج في ذلك اليوم وهو في مكانه على السرير، لم يتحرك كثيرًا كعادته للنظافة، استغربوا ذلك منه وأبدوا تبريرًا لعل به تعب، ناموا وتركوه في شأنه حتى الصباح، قاموا مثل كل يوم يتفقدون أشياءهم، لم يسمعوا صوت الحركة المعتادة، التمسوا العذر، لم يجدوا القدر الذي يلتفون حوله كل صباح ليتناولوا الإفطار، تعقبوا أثر قوائم السرير وهي تسحب على التراب حتى خارج الأسوار ،وجدوا بقايا الطعام في موضع آخر، هرب العامل ومعه القدر، في يوم مختلف اضطرّ كل واحد منهم أن يأكل بمفرده.