على مر التأريخ الكشفي السعودي الذي تجاوز الثمانية عقود ، برزت العديد من القيادات الكشفية التي جمعت بين القيادة والتربية ، وهو الأمر الذي يفترض أن تضطلع بها الحركة الكشفية ، فالكشفية ميدان تربوي هام متى وجد الشخص المؤهل والمؤتمن على الأبناء الذين تحت قيادته ، ومن بين الذين عُرف عنهم ذلك الأمر وأصبح مثالاً يحتذى في جيله ، ولازال أثره باقياً حتى اليوم على تلاميذه القائد الكشفي ابراهيم حمزة علي كردي ، المولود عام 1359 هـ بالمدينة المنورة ، الذي يؤمن أن الحركة الكشفية ليست حركة خدمة عامة فحسب بل أنها حركة تربوية تتخذ من الخدمة العامة وسيلة وهدفاً في نفس الوقت ، وهي في ذلك تعبر تعبيراً سليماً عما ترتكز عليه معظم الفلسفات التربوية الحديثة بهدف الارتفاع بمستواها والمساهمة في تطويرها ، وأن التنظيم الكشفي لا يجسم فقط فلسفة التربية التقدمية ، بل هو يأخذ أيضاً بكثير من مبادئها وأسسها ، وهو بذلك يؤكد أن الحركة الكشفية لا تعمل على إعداد أفرادها لمواقف محددة ثابتة بل تطالب كلا منهم بأن يكون دوماً على استعداد لمواجهة المواقف المختلفة التي قد يتفاجأ بها ، ولعل شعار “كن مستعداً” يعبر عن هذا الاتجاه فهو يعنى أن المرء يجب أن يكون في حالة تيقظ واستعداد مستمر بحيث يكون مستعداً لأى موقف غير متوقع في الظروف العادية بمعنى أن الفرد لا يعد لكل موقف على حده ليعرف طريقة التصرف في هذا الموقف بذاته بل يعد بصفة عامة ويدرب لمجابهة أي موقف والتصرف فبه بنجاح معتمداً على نفسه ، ويعد هذا الاتجاه من اهم الاتجاهات الحديثة في التربية الصالحة في هذا العصر الذى تغيرت فيه الأشياء بسرعة هائلة وبطرق غير متوقعة ، ويحضرني هنا موضوع كتبه في صحيفة الندوة عام 1423هـ ، يؤكد فيه حرصه على التربية وكان مما جاء في ذلك الموضوع ” نواجه في حياتنا اليومية الكثير من المواقف السلوكية التي تحتاج منا نحن من يهمه امر الشباب المسلم ان نتخذ معها موقفا حازما تجاه بعض اولياء الامور المسرفين في تدليل ابناؤهم الى حد الانحلال الخلقي حيث يعينونهم على الفساد وخاصة في فترة سن المراهقة ويظنون ان سعادة ابنائهم هي توفير جميع مطالبهم واعطائهم المال ووضع جميع الامكانيات ملك ايدهم وتحت تصرفهم.
ان تعليم هؤلاء الاخلاص لا يكون بفرض مبادئ اصلاحية معينة يتجاوزها ولي الامر ولا ان نترك لهم الحبل على الغارب وانما يجب علينا ان نعطيهم قاعدة ثابتة من المبادئ الاخلاقية السامية التي جاء بها ديننا الحنيف مع اتاحة الفرصة لهم في نفس الوقت لاتخاذ قرارات على اساس هذه المبادئ القيمة السائدة في مجتمعنا الاسلامي، وواجبنا نحن في الحركة الكشفية ان نلم ببرامج ومشروعات رعاية الشباب وما يناسب مستواهم واهمية رعايتهم والمحافظة عليهم حتى نضمن بإذن الله مستقبلهم من خلال اعدادهم وزرع الثقة في نفوسهم والامان بالله عز وجل وشغل اوقات فراغهم بما يفيدهم في دينهم ودنياهم . ” لقد حمل الرائد الكشفي هم التربية طيلة وجوده على رأس العمل التربوي الكشفي ، وأصبح مضرباً للمثل في تلك السمة ، فضلاً عن اهتمامه بالتدريب والتفكير منطلقاً من قناعته من أن الحركة الكشفية يجب أن يكون لها إهتمامها بالتفكير خاصة وأنها تهتم بجوهر التغيير الذي يطرأ على الحياة بين وقت وآخر.
ويُعد الكردي أول من أسس وحدة للأشبال في مدرسة ذي الحليفة عام 1382هـ ، ومثل بلاده في كثير من المناسبات في ليبيا وتونس وقطر وتركيا وسوريا والأردن ، وتقديراً من جمعية الكشافة العربية السعودية لما قدم من عطاءات منحته الوسام الكشفي الذهبي الذي يُعد أعلى وسام كشفي بالمملكة ، وذلك في حفل تكريم الشخصيات والقيادات الكشفية التي كان لها دور في دعم عمل وأنشطة الجمعية يوم الاربعاء 21/10/1426هـ، والذي رعاه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة – آنذاك – .
مبارك بن عوض الدوسري