البرك _ بقلم الكاتب حسن زيلعي
سرى بي شوق ذكرى الأمس القريب إلى
صوت قرع عصاه يستقوي بها في سيره
ومازال لنقل أقدامه وقع في الذاكرة
وتهدج صوته يدوي في ذلك الممر الضيق
الى بيت الله.
متمتما بذكر الله أثناء سيره.
في ساعات الليل المتأخرة.
فتذكرت الآية الكريمة.
تتجافى جنوبهم عن المضاجع.
ويمضي ماتبقى من ساعات ماقبل الفجر
راكعا ساجدا ذاكراً. رغم وهن عظمه
واشتعال رأسه شيبا.
وما أن تبدأ خيوط الفجر فيبدأ
باعتلاء درجات المئذنة ليصدح صوته
المؤثر المتهدج بين الأزقة والحواري.
مناديا لصلاة الفجر
فتبدأ بقية المساجد بعد أذانه
فهم يعرفون دقته في
التوقيت يرحمه الله.
وفي المسجد المجاور ابنه المبارك رحمه الله يؤم
النآس.
رحم الله الشيخ المؤذن الشيخ محمد بن جابر الهلالي.
نشأنا على صوته مؤذنا ومذكرا
فغرس في قلوبنا حب الأذان والصلاة.
علمونا بأفعالهم لا بأقوالهم. الإخلاص في العمل
فلا يقعده عن رفع الأذان الا مرض مقعد.
وقد شاهدته يأتي يتهادى متكئا عصاه
بالكاد ينقل قدماه..
وكان ممن صليت بجوراهم
بعض من جماعة المسجد
يرتعش من الحمى في صلاة الفجر.
ويتمها معنا فترك في نفسي وغيري حب الصلاة وعظمتها.
رحم الله تلك الوجوه التي علمتنا بأفعالهم.
كل أمر ممدوح وخصلة رفيعه..
قال لي ابنه الأكبر الأستاذ أحمد يحفظه الله.
مارأيت ابي في يوم من الايام يبحث عن ملذات الدنيا
أو يسعى جاهدا لها.
اكتفى بدكان صغير للعم محمد بن علي مشعي يرحمه الله.
بجوار مسجد السوق يبيع فيه حبوب القمح. لسد مايكفي لأسرته.
لا شيء يشغل فكره الا المسجد
فقضى حياته ملازما له وما أن ينتصف الليل حتى نراه يغادر المنزل متجها للمسجد.
عاش بسيطا وكأنه يدرك بسجيته البشرية التي حباه الله ووفقه للعمل الصالح غفر الله لنا وله قول الشاعر
تفتح أبواب السماء لمثله
…. ويعلو بسيط الأرض اثوابها الخضر.
انتهى كلام ابنه…
نأتي بسيرهم الناصعة. لنقول لأجيالنا
هكذا كانوا اجدادكم.
وهكذا كانوا.
فما رحلوا من الذاكره.
حسن زيلعي. البرك.