محمد الرياني
أجلستُها تلعب على صدري ، يعجبني كثيرًا أن أتركها تعبثُ بكل شيء تقع عليه يدها، في الغالب أرمي نفسي على السرير ولايزال ثوبي عليَّ بمحتوياته عندنا أعود متعبًا ، تتركُ كل شيء وتنزع القلم القريب الذي في جيبي العلوي القريب من يدها وتنشأ في الرسم على طريقتها، اعتادت في كل مرة أن ترسم على الجدران خطوطًا متعرجة ومتشابكة تشبه براءتها تاركًا لها الحرية على الرغم من حالات الاستهجان من تدليلي لها، أردُّ على من ينتقدني بأن الحبر السائل يسهلُ مسحه خاصة واليد التي تضعه رقيقة مثل يدها، الجدارُ القريب مني بلونه الوردي يعجبها لونه كثيرًا لدرجة أنها كلما رأته طلبت مثل لونه لعبةً أو ملبسًا وأكتفي بهز رأسي بالموافقة فترتمي على صدري وأنا أضمها أكثر، ذات يوم جلبتُ قلمًا جديدًا وقد جاوزت الصغيرة الرابعة، كنتُ متأنقًا أكثر مما يجب، جاءت كعادتها ورمت نفسها على صدري وأنا أضحك من فعلها، تناولتْ بنفسها ورقة صغيرة بيضاء بجواري ومن عادتي أنني أضع قريبًا مني على طاولة صغيرة بعض الأوراق، أخذتْ تنظر في وجهي وتدقق وتتفرس ملامحي أكثر عن ذي قبل، سحبتْ من جيبي القلم ورسمتْ على الورقة دائرة معوجَّة، أعادت النظر إلى وجهي من جديد ورسمت عينين على شكل دائرتين صغيرتين غائرتين متجاورتين تحتهما خط مائل، انتظرتْ بعض الوقت وكأنها تحتار في رسم شفتيّ بسمرتهما الداكنة، وضعتْ خطين متوازيين مرتبكين وألصقتْ بالدائرة الكبيرة خطين آخرين أسفلهما، نظرتْ في وجهي وقالت :بابا… بابا، أنت حلو وألصقت الورقة على وجهي، ضممتها وأنا غير مصدق ماتفعله، أعادت القلم إلى جيبي وانصرفتْ نحو البقية تطلعهم على رسمتها، نادت عليّ وطلبت مني أن أساعدها، أرادت أن تعلق الصورة على الجدار.