محمد الرياني
كأنَّ التي تمشي على الطريق القرمزي وردة بيضاء نبتت بساقين متحركتين ، تحوَّل الرصيفُ الطويلُ حديقة على ظهره وردة فاتنة ، في الصباح تعانقها الشمسُ بأشعتها في حوار حميم ، وفي المساء تودعها بهدوء قبل أن تبحر في الغروب ، تنافسُ القمر إذا أطلَّ متباهيًا عند المنتصف، كل الماشياتِ على الرصيف بألوان جاذبة غير أن لونها لم يسبق لغيرها أن ارتداه وهو يخطو خطوها، لم يشتكِ منها المكان وكأنه استوى وزانَ بفعلها أو استعان بلونها، سلبت الأنظارَ على الرغم من أن غيرها أسرع، كتبت على الجانبين قصةَ الإشراق وحكاية الأصيل ، دبَّت في صاحبتها الغيرة فأرادَت أن تفعل مثلها، تريد أن تخطو باختيال تحت الشمس أو تغازل القمر، تودُّ أن تكتب شيئًا عن الندى الذي يقطر على حوافِّ الرصيف من الشجيرات القريبة، وأن تنسج مع الأصيل نقوشًا كما تفعل الشمس عند الغروب، استعدت لإشراقة جديدة لتتحدى الصباح مثلها، بكَّرت قبل الشمس لتمشي قبلها وتهزم الباقيات نحو خط النهاية، سمعت بالقرب من الرصيف مايعكر صفو المشي، أغلقت أذنيها لتحجب الحقيقة عن نفسها ، جاء من يهدم الرصيف ليجعله ركاما، صاحت فيهم لينتظروا حتى تجرب مشيَ الصباح ولو للحظة فلم يستجيبوا لها، كادت إحدى حباتِ الرصيف أن تصيبها وهي تحاول المنع ، انتظرت حتى برز بعض التراب لتمشي على الأثر ، كتبت على الرمل وداعًا حزينا ، ظلَّت تسأل بحسرة عن سبب الانتقام من الرصيف في يوم مجيئها ، قالت لها صاحبتها : أريد للرصيف لونًا يشبه لوني.