محمد الرياني
حين أمسكوا به وهو يروض فرسه في الخطيئة لم يكترث بالجرم، عرف أنهم سيصفقون له عندما يعود وسيباركون له هذا الخوض الأسود في المستنقع، عندما عاد إليهم آثمًا لم يقرؤوا معالم وجهه التي بدت كسواد مخيف، أو يفهموا تعابير لكنته التي أطلقت الحروف مثل حمم مدلهمة لايهمها على من تقذف، قبّلوا رأسه واحدًا واحدًا، عاتبوه لأنه يكثر الغياب وعدم الترجل عن الفرس التي تغوص أقدامها في الوحل الآثم، صارحهم بقسوة بأن طريقه ألهته عن تقبيل رؤوسهم، وأن المضمار الذي عشقه لايستطيع البعد عنه، نهاهم أن يغضوا الطرف عن الغياب، وأن يحسبوا له أسهمًا عند الحساب، ردوا عليه ولن ننساك، اركض بخيلك في المياه الآسنة لتروي عطشك وعطشها واحمل لنا معك من بقايا الركود ماء راكدا، التفت إليهم بأني سأكثر من ركوب الخيل وسيكون معكم خيل مثلي تروضونها ، فرحوا جميعًا بأنه سمح لهم بارتكاب الجريرة، غابوا كلهم عن الصف الذي كانوا يجلسون فيه للاستماع إليه وقت الحضور القليل، هرعوا نحوه ليروا ماذا هو صانع ليتعلموا الدرس قبل مجيئ الآخرين، وجدوا الخيل قد ألقته من على ظهرها في الماء الآسن وهو يستغيث، ظل يصيح من الرائحة الكريهة التي زرعها ، حاول الخروج ولم يفلح، هربت فرسه من المكان لتعقم حوافرها وتزيل العفن ، عندما رأوه على هذه الحالة ضربوا على ظهور خيلهم نحو الصف الذي تركوه خاليا ، جاء من ينقذه من الغرق بدلًا عنهم ، عاد يمشي يترنح ليلحق بهم ، سقط في منتصف الطريق ويده على أنفه بلا حراك ، عادوا إليه ثم حملوه وهم يفعلون مثله.