فيصل الهروبي / مجد الوطن
بقلم/ ناصر محمد الشمراني.
يقول تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، بهذا الأذان الإلهي يلبي ملايين المسلمين -كل عام- على صعيد واحد (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).
تجتمع في شعيرة الحج مقاصد تربوية تتجلى في أبهى صورها، منها:
*أولا: أن العبادات توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها؛ فمناسك الحج وما يصاحبها من فرائض وواجبات وسنن ثابتة لا تتغير، قال صلى الله عليه وسلم: “خُذوا عَنِّي مَناسِكَكُم”.
*ثانيا: أن الحج تربية للنفس، قال تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}. فمتى ما وطّن المسلم نفسه وصبّرها على ذلك نَمَت لديه الرقابة الذاتية التي تصل به إلى مرتبة الإحسان.
*ثالثا: الحج يقوم على قاعدة المشقة تجلب التيسير {لِمَن استَطَاعَ إلَيهِ سَبِيلاً}، فتجد التيسير في طلب الحج، والتيسير في مناسكه، والتيسير في رفع الحرج.
*رابعا: أن الحج فيه توازن وواقعية؛ فالحج كما أنه كله عبادة، فهو كذلك يلبي مطالب البشر الغريزية في ابتغاء معاشهم الدنيوي، قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}، قال ابن عباس رضي الله عنهما: “منافع الدنيا والآخرة..”.
*خامسا: أن الحج يحقق وحدة المسلمين، في زِيِّهم ودعوتِهم وممارساتِهم، فتسقط كل الشعارات الدنيوية إلا شعار إلا التلبية والتوحيد، وتسقط الطبقيات والعرقيات والجهويات ودعوات تدويل المناسك والمقدسات؛ فلا تمايز إلا بالتقوى.
*سادسا: أن الحج مجمع الفضائل والعبادات، فكل خلق حسن يكون مطلبا لكمال الحج، وكل عبادة يمكن أن يتضمٍنها الحج من صلاةٍ وصيامِ كفارةٍ وصدقةِ مال ونحرٍ وطوافٍ واعتكافٍ وأداءِ مناسكَ.
*سابعا: أن الحج يذكر بالآخرة؛ فالمسلمون في صعيد واحد، وهيأة واحدة -بعيدا عن رفاهية الدنيا وملذاتها- يتذكرون {يوماً تَشخَص فيه الأبصَارُ}، {يومَ تُبلَى السّرائِرُ}.
فما مَرّ هو جملة من المقاصد التربوية للحج، والتي تتجلى كل عام، لتعكس سماحة الدَّين، وتُظهر وحدة المسلمين، وتُغيظ الأعداء وتُرغِم الشياطين.
لبيك اللهم حجا لا رياء فيه ولا سمعة.
اللهم تقبل من الحجاج حجهم، وردّهم إلى أهليهم -كيوم ولدتهم أمهاتهم- سالمين.. آمين