بقلم : د. علياء المروعي
عندما يشتاق الإنسان وتحرك الأشواق مشاعره المختزنة داخله فتبث عبر تيارات من المشاعر و الأحاسيس لتصل لمن يحب كمعجزة تغير كل المعالم المحيطة به فيصبح سعيدا ملهما، تواقا للقاء الأحبة و قراءة عهود جديدة و إقرار مواثيق متسلسله حكيمة؛ هنا سيشع نورا و ضياء لما ألهب الشوق داخله فانعكس بلقاء الأحبة أو لقاء أحلامه على أرض الواقع حقيقة عيانا بيانا. فقد قال المتنبي في أبيات له:
أُغـالِبُ فيكَ الشّـوْقَ وَالشـوْقُ أغلـَـبُ
وَأعجبُ من ذا الهجرِ وَالوَصْلُ أعجبُ
تختلف أشواقنا كبشر حسب احتياجاتنا، فمنا من يشتاق لأشخاص مثل الوالدين والأحبة والعشاق والإخوة والأهل والأقارب والأصدقاء. فهذا النوع من الشوق يجمع بين المشاعر المحسوسة والمشاعر المجردة لتحقق معايير الاكتفاء العاطفية والاجتماعية والنفسية. ولا تطفأ نيران الأشواق إلا بلقيا من نحب واحتضانهم وتقبيلهم واشتمام رائحتهم المميزة ووضع الكف بالكف، و تبادل النظرات و الاستمتاع بالأحاديث و الطمأنينة في القرب و الراحة في الصحبة و البساطة في الاجتماع.
ومنا من يشتاق للأيام والشهور و للأوطان وللأشياء والأماكن و المقتنيات مثلما يشتاق شخص لخيوله أو قططه أو إحدى الذكريات التي جمعته بمواقف عابرة و الهمته بتصرفات معينة، فمنها ما يشقي وهذا النوع لا بد من نسيانه بعد أخذ العظة والعبرة، ومنها ما يفرح النفس و يبهجها فلابد من تذكره لإمداد الأنفس بطاقة و سعادة.
رغم البعد إلا أن الشوق له وقع في النفس خاصة في تخاطر الأرواح بين بعضها البعض، فلا يمنعكم شوقكم لأحد أن تتصلوا عليه وتحدثوه بكلمة تسعده أو إرسال رسالة بسيطة فيها من الكلمات المعبرة التي تجبر الخاطر وتسعد الروح. في المقابل لا تنظروا إلى ردة الأفعال ولا تبالغوا في التوقعات حتى تتبادلون المشاعر بأريحية، وتضيء عالمكم الجميل بانسيابية وسلام.
لضياء الشوق غارات تفجر المشاعر لتلامس القلوب كأنها تداويها بعدما احترقت من لهيب الكفاح والصراع، فأضيئوا عالمكم بشوق أخاذ يسعد الأرواح من غير تكلف واصطناع، واسرفوا أثنائها في احتضان قلوبكم لتزهو باشتياق متزايد لتعانق أحاسيسكم السماء و تتسلق الجبال و تسافر عبر الطرقات لنشر الحب و الوئام، ولتحدثوا من تحبون عن شوقكم ففيه دواء تطيب به الآلام و الجروح. وفي قول الشاعرعبدالله الشبراوي من قبيل هذا، كلام جميل:
وَكَم صُمت عَن لَذَّات دَهري عِفّة
عَلى أَنَّه كَم لي عَلى ريقه فطرُ
وَكَم شَق أَنواب الدياجي وَزارَني
وَكل لَياليه اِذا زارَني قمرُ
وَكَم مال نَحوي ذلك الغُصن وَاِنثَنى
وَما لي عَنه عِند ما يَنثني صَبرُ