بقلم : مظهر حسين
يشهد التحوّل الرقمي الآن، بصورةٍ عامة، تسارعاً كبيراً في جميع دول العالم، ومن بينها المملكة العربية السعودية ، ولم تعد مسؤولية التحول الرقمي متعلّقة برئيس تقنية المعلومات أو فريقه في أيّ مؤسسة، على عكس النماذج التنظيمية السابقة، أصبح التحول الرقمي الآن رحلة يتقاسمها ويقودها جميع الأفراد في المنشأة باختلاف وظائفهم، وأصبح القادة الرقميون موجودين في كلّ مستوى ووظيفة وقسم، كما بات التحول الرقمي هو الطريقة المستدامة للأعمال.
يتطلب التطور الأخير في وتيرة وحجم التغيير السريع إعادة تقييم كاملة للمسؤوليات؛ وبالتالي فإنَّ التحول الرقمي يجب أن يتضمن مشاركة نشطة من موظفي الخدمات الداخلية للشركات إلى الإدارة العليا، في تناغم وتواصل وتعاون، بين مختلف الأطراف.
وتأكيداً على ذلك، جاء الاستطلاع الذي أجرته كي بي إم جي حول رؤى الرؤساء التنفيذيين لعام 2021 مبيناً تأكيد 74 في المائة من قادة الأعمال على تسارع التحول الرقمي لعملياتهم، بنسبة تزيد عن 50% مما كانت عليه في أغسطس 2020. وبالمثل، يخطط قادة الأعمال للاستثمار بشكلٍ أكبر في التكنولوجيا خلال عام 2021 من أجل زيادة تطوير القدرات الرقمية لمنظماتهم.
وقد حققت رحلة السعودية نحو التحول الرقمي نجاحات لافتة واستثنائية، حيث يرصد دليل كي بي إم جي للقيادة في القطاع الرقمي الصادر في يوليو 2021 من قبل كي بي إم جي في السعودية الإنجازات العديدة في هذا المجال، فمنذ عام 2005 وحتى عام 2021 قامت السعودية بإطلاق فعاليات وبرامج وتطبيقات رقمية عديدة، منها برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية “يسّر” لتحسين الإنتاجية والكفاءة في الدوائر الحكومية، واعتماد الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي لتمكين الجميع من استخدام خدمات حكومية فعالة بطريقة آمنة ومتكاملة وسهلة، وإنشاء اللجنة الوطنية ووحدة التحول الرقمي، والإطلاق العام للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، وأعقبها الموافقة على الإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي.
ويمضي الدليل في رصد إنجازات السعودية الرقمية، مستهدفاً نشر ثقافة التحول الرقمي وإعداد قادة ملهمين ومؤثرين في القطاع الرقمي. ومن الجدير بالذكر أنّ واحداً من أبرز الإنجازات في 2021 كان تأسيس هيئة الحكومة الرقمية في مارس من نفس العام، وإطلاق مركز الذكاء الاصطناعي للطاقة، حيث جاء إطلاق السعودية لهذه المبادرات والكيانات الرقمية تأكيداً واضحاً على حجم طموحها الرقمي الهائل، المرتبط بشكل وثيق برؤية المملكة 2030.
ويشجع دليل كي بي إم جي على الاستثمار في التكنولوجيا والأفراد والابتكار، ويحدد مسارًا عمليًا لتطوير القادة الرقميين على جميع مستويات ووظائف المؤسسات المعنية، فالقادة الرقميون يقدمون نتائج لا يمكن أن يحققها الآخرون أثناء عملهم على تحسين العمليات وتطويرها، إذ تعدّ القيادة الرقمية الناجحة أكثر فاعلية من أيّ إستراتيجية أخرى بأربع أضعاف في زيادة قيمة البيانات والاستفادة منها؛ وهذا ما يعزز ضرورة تطوير قدرات القيادات الرقمية والتركيز على التعلم المستمرّ الذي ينمي عقلية الأفراد في المؤسسة وينقلهم من مجرّد الوعي الرقمي إلى المعرفة واليقين الرقمي.وتخلق رؤية القيادة الرقمية التوازن بين إدراك احتياجات العملاء والسوق والمنافسين، مع التأكيد على الأهمية التي تكمن في تحديد العوامل والقدرات الداخلية في المنظمات والتي قد تؤدي إلى تأخير أو تسريع في عمليات التحول الرقمي، ومن هنا جاءت أهمية تمكين الأفراد من الإمساك بزمام المبادرة وأن يصبحوا بأنفسهم قادة رقميين.
ومن هنا ابتكرت كي بي إم جي في السعودية برامج لدعم التحول الرقمي، وسوف تقوم بطرحها في دورة تدريبية متخصصة حول القيادة الرقمية، وذلك لتزويد القادة الرقميين الطموحين على جميع المستويات بالأدوات المناسبة للتنقل بفعالية وتحقيق الإنجازات في التحول الرقمي بخطوات أسرع ونحو آفاق أكثر طموحًا.