مقالات مجد الوطن

سحب نقدي

 

محمد الرياني

تثاءبَ بعمقٍ بعدَ يومٍ مثقلٍ بالأعباء ، دخلَ الغرفةَ الباردةَ وأوصاها بعدمِ الإزعاجِ من أحد؛ يقصدُ الصغار ، نسيت الأولادَ وتفرغتْ له، جلستْ إلى جوارِه تعدِّدُ طلباتِها من أجلِ أن تحضرَ مناسبةَ صديقتِها، انقلبَ إلى الجانبِ الأيمنِ وهو يطلبُ التأجيلَ حتى تشرق الشمس، انتقلتْ إلى الجانبِ الآخر معه وهي تكررُ الطلب، قال لها: إنَّ رأسَه مثقلٌ بالنومِ والإرهاق، تثاءبَ من جديدٍ وهي تتهمه بأنه يفعل ذلك ليصرفَها عن طلبها، انتقلَ بجسمه كاملًا في السريرِ فتبعتْه وهي تهدده بأنه لن ينامَ حتى الصباح، أخرجَ لها المحفظةَ وألقاها بين يديها وأملى عليها أسرارَ بطاقةِ السحبِ النقدي، لم تجد غيرَ مبلغٍ يسيرٍ وراتب الشهر لايزال في أوله ، صاحت! لقد صرفتَ النقودَ على هواك وتركتني؛ المبلغُ الباقي لي من الراتب ، أنت حرٌّ في حلِّ مشكلةِ بقيةِ الشهر ، استسلمَ لها ووعدها بأن يقومَ قبلَ الشروقِ ويسحبَ المبلغَ ويسلمَه لها، فرحتْ وطبعتْ على جبينه قبلةً وقالت: الآن أنتَ حبيبي، ردَّ عليها: الآن دعيني أنم، اتجهتْ بوجهها إلى الجدارِ تقرأُ على حائطه قائمةَ طلباتِها، ودخل – هو- في سكْرةِ النومِ ووجهه مغطى من البرد ، نهضتْ قبل الشروقِ وأيقظتْه للذهابِ لسحب المبلغ، قام ورأسه مثقلٌ بنومٍ لم يطلْ كثيرًا، وقفَ ليسحبَ دون تركيزٍ فأخطأ في رقمه السِرِّي لأوَّلِ مرة، في المحاولةِ الثانيةِ تذكره ووَضعَ إصبعَه على علامةِ السحب، ركبَ مركبته وغادرَ الآلةَ والمبلغُ الأخيرُ الذي زاد من راتبه في طرفِ الآلة، وصلَ عندها وهي تنتظره على أحرِّ من الجمر، ضربَ على جيبه يريد تسليمَها المبلغ فلم يجد سوى البطاقة ، نشطتْ ذاكرتُه وعاد إلى الآلة ليجدَ آخرين يصطفون للسحبِ مكانه، رجع إليها يضربُ ذاكرةَ رأسِه ويندبُ حظَّه فلم تصدقْ نسيانَه ، تركتْه وحملتْ حقائبَها تريدُ مفارقتَه وهو يفتِّشُ في جيبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى