محمد الرياني
َلم يبقَ من تفاصيلِ الفرحِ إلا شراءُ الفستان، ذهبتْ بنفسها لتختارَ اللونَ الذي يناسبها، شاهدت الفستانَ الأخضر ، يالروعته! إنه مقاسي تمامًا، لونُه يناسبُ لوني مع الأضواء ، سرعانَ ماتراجعت، لم تفصحْ عن تراجعِها، عادتْ بها الذاكرةُ وأمُّها بثوبٍ أخضرَ تغادرُ البيتَ تولولُ بدموعٍ وبغيرِ رجعة، أمسكتْ بطرفِ الفستانِ وقالت لا.. لا أريدُه، أريدُ لونًا آخر، عرضوا أمامها واحدًا بلونِ الذهب، أَجمَعوا على أنَّ هذا أفضلَ من سابقه ، زمَّتْ شفتيْها وهي تتذكرُ قطعةَ الذهبِ التي سحبَها أبوها من إصبعِ أمِّها حتى سأل دمُها، نظرتْ إلى إصبعِها فذرفتْ عيناها بالدموع، خرجتْ من المحلِّ دونَ أن تشتري، اشترطتْ أن يُحضروا أمَّها لتختارَ لها لونَ فستانِها، تركوا محلَّ الفساتين واتجهوا إلى محلٍّ آخرَ فوجدوا كلَّ الألوانِ معروضة، تهامسوا في إقناعِ البائعِ بأن يعطيَهم كلَّ الألوانِ ليختاروا منها واحدًا وإعادةَ البقية، سمعَهم فبادرَهم بالموافقةِ بعد أن تأملَ وجوهَهم ، ذهبتْ إلى دارِ أمِّها المقعدةِ وألقتْ على الأرضِ الفساتينَ لتراها ، أشارتْ بأن يأتوا إليها بعربتِها المتحركةِ ثم طلبتْ من ابنتِها أن تدفعَها إلى الداخل ، وقفتْ بها عند دولابِها القديمِ ببعضِ ملابسِها ، فرحتْ وهي ترى الفستانَ الذي تتمناه ، قالت لها : هذا فستانُ عُرسِك، حملوا الفساتينَ الملقاةَ على الأرضِ وأعادوها للبائع، أحصاها فوجدَها لم تختر منها شيئًا، قال لهم : معها حق، لقد حضرتْ قبلكم امرأةٌ مقعدةٌ واختارتِ الأجملَ من بينها، زفُّوها من دارِ أمِّها ليلةَ الفرح.