إشكالية العقل الجمعي والتصرفات العقل الجمعي وتأثيراتها في النسق الاجتماعي بشكل واضح وملموس.
وحقيقة قد يظهر أننا نتحكم في أفكارنا وسلوكنا، وقد نكون أحيانًا واثقين من ذلك تمام الثقة، لكن علم النفس الاجتماعي يروي لنا قصة أخرى مختلفة، حيث تظهر الأبحاث أننا لا نملك الكثير من السيطرة على أفكارنا وسلوكنا كما نعتقد. بل كثيرًا ما نأخذ تلميحات من بيئتنا الاجتماعية، خاصة من المقربين والناس من حولنا، تخبرنا عن كيفية التصرف، وما يجب فعله أو عدم فعله.
نحن نتكلم هنا عن الأحداث الاجتماعية التي ربما يكون ردة فعل المواطن العربي عموماً أو السعودي خصوصًا
تختلف عن المواطن الروسي او الياباني وهذه تكون نتيجة تراكمات ثقافية وفكرية ودينية وسكيولوجية مختلفة من مكان لأخر ..
ولا خلاف إن الحشود تؤثر بشكل مباشر على أفكار وسلوك الأفراد وهذا التفكير والتأثير هو ما نسميه بالعقل الجمعي ..
والعقل الجمعي يعرفه ”غوستاف ليبون“ أحد مؤسسي علم النفس الاجتماعي، في كتابه علم النفس الاجتماع يعرف لنا معنى العقل الجمعي، يقول: الاستجابة غير العقلانية لما تردده الجماعة هو العقل الجمعي.
وكذلك العالم الفرنسي دوركايم له تعريف للعقل الجمعي ولكنه جانب الصواب كثيرًا..
ولعلنا نبسطه حيث إن العقل الجمعي يوضح أن الأفراد يرون أن تصرف الجماعة صحيح..
فمثلًا من يولد في مجتمع يهودي يرى اليهودية هي الديانة الصحيحة ومن يولد في مجتمع نصراني يرى النصرانية ومن يولد في البوذية يؤمن بالبوذية..
وبالتالي فحتما وجزمًا أن تأثير العقل الجمعي كبير وخطير وقوي جدًا..
وهناك مثال من القرآن على العقل الجمعي، تقرأه كل جمعة قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾، الرسول يصلي، فقط صاح أحدهم: جاءت القافلة، ذهبوا وراء القافلة، هذا عقل جمعي، العقل الجمعي يستبطن ثلاث حالات، حالة عدم دراسة العواقب، حالة فقدان الإحساس بالمسؤولية، حالة عدم القدرة على ضبط الانفعالات، فعندما يسترسل الإنسان مع الصيحات الغوغائية من دون دراسة للعواقب ولا ضبط للانفعالات ولا إحساس بالمسؤولية، فذلك ما يسمى بحركة العقل الجمعي.
هل العقل الجمعي موجود في مجتمعنا؟
هل للعقل الجمعي أمثلة حية في مجتمعنا المعاصر أم لا؟.
وهناك ثلاثة أمثلة للعقل الجمعي: الموضات والعادات والإشاعات..
وبالتالي لابد نتنبه كثيرًا لخطورة العقل الجمعي وتأثيره على الأفراد والمجتمعات .
ولعلنا في المقال القادم نوضح ذلك .
د – علي بن مفرح الشعواني