محمد الرياني
دعاني الصديقُ الشاعرُ الكبيرُ رئيسُ نادي جازان الأدبي حسن الصلهبي لأمسيةٍ شعريةٍ أسرَّ إليَّ في لحظةِ همسٍ بعد نهايتها بأنها من أروعِ الأمسياتِ الشعريةِ التي استضافها النادي، والاستثناء هنا لشيئين هما أن الشاعرين اللذين حضرا لإحياءِ الأمسيةِ الشعريةِ كفيفان والاستثناءُ الآخرُ هو جمالُ الشعرِ وروعته وجودةِ الإلقاء ، وكلما سارتْ ليلةُ الشعرِ إلى نهايتها ازددتُ حيرةً في كونِ الشاعرِ الكفيفِ علي هتان وزميله عبدالإله المنيعي لايبصران، والاثنان يحتفظان بكاريزما رائعةٍ من حيث الحضور على المسرحِ والتفاعل مع الجمهورِ وانتقاءِ الألفاظِ واختيارِ القصائدِ فضلًا عن كاملِ أناقتهما ولباقتهما، وأدهشني الشاعرُ علي هتان بصوته الفخمِ وتنوعِ قصائده وعمقِ التصويرِ فيها لدرجةِ الإمتاع، أما الشاعرُ عبدالإله المنيعي فقد عرفتُه يافعًا في المرحلةِ الثانويةِ وهو يشاركُ في برامجِ وزارةِ المعارف سابقًا وزارة التعليم حاليًّا وكان يتبنّى حضورَه وأمثاله الرمزُ في التربيةِ الخاصةِ وعضو مجلس الشورى الدكتور ناصر الموسى، وبكل صدقٍ فإن لسانَ حالَ الجمهورِ الذي حضر الأمسيةَ الشعريةَ يرددُ كيف حضرتِ القوافي بهذا النور لاثنين لم يريا النور، وكيف تألقتِ الأزهارُ ومساحاتُ الجمالِ في عينين لم تشاهدْ غيرَ السواد، وعلي هتان وعبدالإله المنيعي حالتان شعريتان خاصتان يجب على الدارسين والمهتمين بالأدبِ وطلابِ الجامعاتِ الالتفاتُ لهما وبحث حالتهما الشعرية الاستثنائية فهي تستحقُ الدراسةَ والبحثَ والإشادةَ والتوثيق، ولا يفوت هنا أن نشيدَ بجمعيةِ الثريا للمكفوفين بجازان ونادي جازان الأدبي على إقامةِ هذه الأمسيةِ في تعاونٍ مشتركٍ نبيلٍ يؤكد على أهميةِ تلك الشراكات لتعزيزِ القيمِ والمعاني الإنسانيةِ بحضورِ نخبةٍ من الشعراءِ والأدباءِ والمثقفين الذين خرجوا في غايةِ البهجةِ بعد الاستماعِ لمقدِّمٍ متألقٍ وشاعرين فذين شاركهما الشاعر ياسر سهلي في ختم متفردٍ على مسرحِ نادٍ عريقٍ نذرَ نفسه أن يكونَ متنفسَ الأدبِ والأدباءِ والمثقفين عبرَ نصفِ قرنٍ من الزمن.