*مهدي أحمد حكمي
—————————
ناران : نارُ اشتياقٍ تحرِق الكبِدا
ونارُ حُزْنٍ تفتُّ القلب والعضُدا
وشهْقتان بصدري : شَهقةٌ حسِرت
بين الضلوع ، وأخرى تنفثُ الكمَدا
كانت على موعد الاثنين بهجتُنا
حتى لبسْنا الأماني أثْـوُبـاً جُدُدا
فانسلَّ بالرغم منا موعدٌ / قدَرٌ
لقد قضى أن تكون الرحلةُ الأحَدا
حين احتسَتَها شِفاهُ الموتِ صابرةً
وفاضت الروحُ في عليائها صُعُدا
لا هدْأتي أنصَفتني يومَ فاجِعَتي
ولا السّكونُ الذي رمّمتُه صَمَدا
رُوحي هناك على جثمانها ، وأنا
هنا مع الناس مُلقَىً ، جُـثّـةً ، جسَدا
أفاقني من ذهولي نَـوْحُ باكيةٍ
يرُدُّ ذِهْناً جَمُوحاً ساهياً شَرِدا
وشدَّني من تَلابيبي نَشِيجُ أخي
ترجيعُ أختي ، له في مَسْمَعَيَّ صدى
أوّاهُ أوّاهُ ! يا أمّاهُ ! ما رَقَـأت
عيناي ، واللّاعجُ الحَرّانُ ما بَرَدا
أمّاهُ ، يافَيْضَ تَحْنانٍ ومَرْحمةٍ
تجري يداك عطايا ثَـرّةً ونَـدَى
يا حِضْنَ كلِّ يتيمٍ مات والدُه
أو اشتهى عِوَضاً عن أمّه سنَدا
قد كان ثغرُكِ بسّاماً ومُنشَرِحاً
وكان وجهكِ شفّافَ الرُؤى أبَـدا
على بساطةِ عَيْشٍ كنتِ راضيةً
تَـرَيْنَ زُهدَكِ فيها عِيشةً رغَدا
على سِباب نساءٍ ما فتحتِ فَمَاً
ولا مدَدتِ إلى إيذائهنّ يَدَا
أفِيْءُ عنكِ ودِفْءٌ منك يغمُرُني
وقد أتيتُك مَبروداً ومُرتعِدا
يا نكهةَ الدّارِ ، ما لِلدارِ مُوحشةً !!
وكان بيتُكِ مَوْرُوداً لمن وَرَدا
بالأمس مِجْمَرُكِ الفَوّاحُ ينفَحُنا
وعرشُكِ الفَخْمُ كنّا حولَه لِبَدا
حِكايةٌ منك تُلهينَا وتُسعِدنا
وضحْكةٌ تُفرح الأولادَ والحَفَدا
واليومَ أرمُقُ أعتَاباً ولا سُرُجاً !!
وأرقُبُ العَرْصَةَ الثَّكلى ولا أحَدا !!
يا رحمةَ الله زُورِي قبرَها وضَعي
تحت اللّفائفِ ثَـلْجَـاً هُلهُلاً بَرَدا
——————-