في قوله تعالى من سورة الزمر (قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم).
قال ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه سمع رسول الله يقول :(ما أحب أن لي الدنيا و مافيها بهذه الآية (قل ياعبادي الذين أسرفوا…) فقال رجب يارسول الله: فمن أشرك؟ قال الرسول الكريم : ألا و من أشرك.. ثلاثا)..تفرد به الإمام أحمد.
فهذه الآية دعوة للتوبة، من كل ذنب و جريرة طالما الإنسان حيا، سواء من أهل الشرك أو من المسلمين من أهل المعاصي، و قد قيل أن بعضا من أهل الشرك في الجاهلية قد أسرفوا في القتل و الزنا فقالوا لن يغفر لنا ذلك فنزلت الآية، و قيل أنها تشمل كل من تاب من المسلم العاصي و المشرك، و هذه الآية مبشرة مفرحة للقلوب فربك كريم رحيم، حتى على من أذنب، و في قوله تعالي (ياعبادي) إثارة للطمأنينة وفيها خطاب من ود و رحمة من رب حنان رحيم.،.
تب الآن عن كل ذنب و جدد التوبة فربك تواب رحيم..
وأواخر الزمر..
أحبها تلاوة و تأسرني مبنى ومعنى..
ذاك المشهد العظيم..
مشهد النهاية لحياة تنتهي،
و البداية لحياة تبدأ..
والصلة المشتركة بين الحياتين هي حقيقة أزلية وهي وجود المولى سبحانه وقدسيته و ألوهيته .
ويوضع كتاب الأعمال في ظل إشراق الكون بنور الله،
وقد غطى نوره تعالى كل شيء.. إشراق ينسج خيوطه حول الأرض فكأنما قد أضيئت، وأنى لها ألا تفعل و قد غمرها نور الملك الديان..
ويأتي الأنبياء فيشهدون أممهم بأنهم قد بلغوا رسالات رب العالمين للناس، ويقضى بين جميع الخلق بالعدل.
حياة و حياة.. في الأولى اختبار وتمحيص..
وفي الثانية نتيجة وعاقبة وخلود ، إما زمرا أي جماعات إلى الجنان أو زمرا إلى النار، و الجنة يدخلها المؤمنون جماعة بعد جماعة، مقربين ثم أبرارا ثم الذين يلونهم و أول من يقرع باب الجنة فيؤذن له و يدخل المؤمنين من بعده هو سيدنا محمد الهادي صلى الله عليه و سلم، و الجنة بنعيمها و حريرها ولآلئها و روعتها تنتظر الزمرة الأولى من الوافدين اليها وجاء وصفهم في الحديث الشريف أن وجوههم كالقمر في ليلة البدر، قطعا من نور، لا بل يستقبلهم خزنتها مرحبين قائلين طبتم حللتم أهلا إلى دار الخلود، و المجرمون يساقون إلى مهادهم جماعات أيضا.. نسأل الله العافية.
ثم يأتي المشهد الأخير، ويبرع الإعجاز القرآني في تصويره بأسلوب يغمر القلوب سكينة و هيبة..
ها قد تم الحساب.. وأنيخ الركاب، وبلغ كل من البشر مأواه.. إما جنة أو سعيرا..
ويعم السلام الحق حيث عرش الإله في ارتفاعه والملك يحفون به يسبحون ويثنون..
وهناك كلمة تقولها الملائكة و يقولها الناس قلبا و لسانا،
كانت كلمة البدء،
وكذلك هي اليوم كلمة الختام..
الحمدلله رب العالمين..
د. فاطمة عاشور