عيني جودا بدمع غامر هتن …
فقد بكيت بكل الحب و الشجن
و بت رهن الأسى ما راقني أمل …
أن رقني ألم فيه و أرقني
و ما تألمت إلا من مفارقة …
لمن غدا في حياتي لذة الوسن
كأنه حلم قد مر في عجل …
و ليته في فراق العين لم يحن
و ليته كان كابوسا فأيقظني …
و لم يكن لانتظاري فيه بالقمن
فقد غشى الدار أمر لا مرد له …
لما ترحل عنا شاعر الوطن
و جاءنا خبر آذى مسامعنا …
و أحزن الكل في سر و في علن
يا أيها الفذ هل تدري بما حملت …
لنا الصروف وراء الغيم و الدجن
غادرتنا بعد ما عانيت من مرض …
و قد ركبت بأعلى مركب خشن
و ما نرى للمنايا في تقلبها …
إلا غيابا لشهم سيد فطن
صان العهود وكان الحب منهجه …
فيها بوصل فلم يخلف ولم يخن
و ما رقى مثله في الشعر مرتبة …
عليا بنجد و لا شام و لا يمن
و كم علا بالندى قدرا و منزلة …
و كان بالجود فيه خير مختزن
و كم له من أياد ليس ينكرها …
في كل عهد جميل كل مفتتن
و كم له من صحاف بيننا ملئت …
من الروائع في نثر و متزن
ماذا أقول غداة الروع في كلم …
والدهر ما بيننا يجري على سنن
ماذا أقول ومالي بالقريض سوى …
صوت ضعيف كأني فيه لم أكن
و ما يفيد إذا ما قمت مستمعا …
لمن رثاك وأبقى القلب في حزن
يا شاعر الوطن المعطاء أغنيتي …
هامت بحرفك و انثالت إلى أذن
أثني عليك وحسبي أن أشيد ولي …
شيء إليك بمدحي فيك قربني
وقد تسيدت في فضل وفي أدب …
وهل شرفت بغير الفضل والمنن
يا صيقل الشعر و التبيان يا قلما …
يسيل بالحبر سحرا دونما رسن
أنت المحب الذي أحيت فرائده …
ما للمحبين من فرض ومن سنن
يا أطيب الناس يا عماه آلمنا …
أن قد نعيت لنا في أعظم المحن
تكاملت فيك أخلاق سموت بها …
على سواك و فيها أنت أنت غني
و إن موتك فيما حل نائبة …
بشاعر ظل يبكي الأمس في دمن
فقدت قبلك قلبي وانصدمت بما …
قد صب بعدك يا عماه في فتن
تجري حروفك في آفاقنا و لها …
لما تجلت بهاء المنظر الحسن
ما صاغ مثلك يوما في مشاعره …
عشقا ولا سمعت من مثله أذني
و كان قلبك مفتوحا برقته …
و ظل جاهك موفورا عن الإحن
و كان يألفك الداني و يسعده …
منك اللقاء لشيء في لقاك سني
والأيك يعرف في غصن وفي ثمر …
وفيك طابت ثمار الأيك في غصن
حميت حصنا بما دبجت من درر …
و ما سواك على حصن بمؤتمن
غنيت للبحر في جازان فانتبهت …
تلك الجزائر واختالت على سفن
و ما تغيبت عنا إذ شدوت على …
كر الدهور و لم تغتر في زمن
فارقتنا رغم حب كان يوصلنا …
و رعتنا في فراق الروح و البدن
محبب كنت للأصحاب سامية …
منك المناقب عن عيب وعن درن
و من رآك رأى عطفا و مرحمة …
وطيبة لم تشب بالحقد والضغن
يعز يوما على عيني و قد نظرت …
إلى محياك إذ سجيت في كفن
و قد تعذبت في قرب يباعدني …
بما أرى عنك لما سرت في ظعن
فينا ستبقى ولن ننساك ما بقيت ..
أرواحنا في مدى الأعوام والسكن
يبقى الكرام وإن غابوا وإن رحلوا ..
في منزل بالعلا و الحب مقترن
الطائر الجريح
احمدالمتوكل بن علي النعمي
جازان – حرجة ضمد
١٣ – ٨ – ١٤٤٣