محمد الرياني
أخيرًا صمتَ البحر، غاصت القوافي في الأعماق، وبقي حب الوطن الذي تغنى به، علي صيقل الشاعر الفرساني الذي صاغ من جمال الجزيرة الفرسانية أعظم قصيدة في حب الوطن، ترك الدنيا وغادرنا لنعيش على ماضيه الجميل، حلَّق فوق فرسان مثل نورسٍ جميل يغني للأمواج وللصواري وللبحر الدافئ في الصيف وللمياه الباردة في الشتاء، ثم أطربَ الوطنَ كلَّ الوطن بقصيدةِ الحب الخالدة ” وشمٌ على ساعدي” ليرددها محبو الوطن عقودًا من الزمن، هو من طينة الشعراء الكبار العمالقة الذين يعرفون متى يتحدثون ومتى يصمتون ومتى يحضرون ومتى يغيبون، ومتى يرصون القوافي، احتفظ بشخصيته الأنيقة في لبسه ومشيته وحركته وجلوسه واعتداله وصمته وسمته، لايتحدث كثيرًا ولكنه يجبرك على الإنصات إذا حرك شفتيه بكل روعة لتنساب الحروف من أعماقه كالنسائم الفرسانية في أيام الربيع، وعلي صيقل الذي عرفناه شاعرًا مجيدًا هو علي صيقل الذي عرفناه إداريًّا وسكرتيرًا مهذبًا في نادي جازان الأدبي و هو علي صيقل الذي اكتملت أناقة عمله في إمارة المنطقة في سيرة مشرقة من التعاون الأدبي كي يكون الشعر والأدب عامة واجهة تزين المناسبات والفعاليات الثقافية المختلفة، بموت الشاعر الكبير علي صيقل فقدَ الوطنُ شاعرًا رائدًا ومثقفًا كبيرًا ليلحق بركب الكبار من الأدباء في المنطقة عليهم رحمة الله ، غادر الشاعر علي صيقل دنيانا وبقيت مآثره في ذاكرتنا، سيغيب عن فرسان الجزيرة قاربٌ جميلٌ اعتاد التجديف ليغني للبحّارة ويلقي على المنتظرين حول الشواطئ قوافي الشعر المطرزة بالسلام.