د. عبدالوهاب الديلمي
إنْ قلتَ يا شهـرَ الصيــامِ أُوَدِّعُ
فالقلبُ قبلـكَ للأسى يَتَجَـــرَّعُ
نَطَقَ اللسانُ ومهجتي مَكلُومَـةٌ
أسفـاً عليـكَ بداخلي تَتَوَجَّــــعُ
لَكِنَّــها سُنَــنُ الإلــــهِ وهكـــــذا
شَـأنُ المُحِبِّ لِمَـنْ أحبَّ يُشَيِّــعُ
مَهلاً أيا شهـرَ المَحبَّـــةِ والتُّـقَى
لا لا يَجِــدُّ بكَ المَسِيرُ وتُســرِعُ
الخيرُ فيكَ وحَسْبُ قدركَ ليلــةٌ
عِلْوِيـَّـةٌ مِن أَلـفِ شهــرٍ أرفَـــــعُ
كَمْ فَاءَ فيكَ الناسُ مِن غَفَوَاتِهِمْ
والقلبُ يصفو بالدعاءِ ويخشـــعُ
كَــمْ مِــن لســـانٍ تائبٍ مِن وِزرِهِ
فيـــكَ الْتَجَـا لِإِلَـهِــهِ يَتَـضَــــرَّعُ
كم فيكَ أبوابُ المَتَــابِ تَفَتَّحَتْ
فضلاً وكـم عَينٌ تفيضُ وأدمُـــعُ
كــم فيــكَ رَنَّــهُ قــارئٍ ومُـرَتِّــلٍ
لِلِذِّكــرِ يَـألَـفُـهُ الفــــؤادُ فَيُـولَــعُ
كــم فيــكَ تسبيحٌ وفيكَ عبـادةٌ
لَـهَـجَ اللسانُ بها وتَــاقَ المَسـمَـعُ
كم فيكَ غُضَّ الطرفُ عند مُحَرَّمٍ
وعن والخبيثِ وقـولِ مـالا ينفـعُ
كـم فيــكَ من نِـعَـمٍ يَجِـلُّ بَيَانُـها
مِنَـحٌ مِـن الرحمنِ حاشـا تُقطَـــعُ
كــم فيـكَ نَـوَّرَتِ البَصَائِــرَ آيَــــةٌ
حتى النفوسُ عن المفاسدِ تَنــزِعُ
كم فيكَ تمتلئُ القلــوبُ تراحـمـاً
وعلى المَــوَدَّةِ والإخَـا تَتَجَمَّـــــعُ
الحَــــقُّ أنَّــكَ بالفضــائلِ زاخـــــرٌ
كالمُـزنِ فيـهِ الغيثُ عــذبٌ مُتــرَعُ
الصـــومُ فيكَ طهــــارةٌ رُوحِيَّــــةٌ
والنفسُ يصقلها الصيامُ فَتُبــــدِعُ
يــاربُّ قد وَدَّعتُ شهــركَ سَاكبـــاً
دمــعَ المتـابِ وهــا أنا أتضـــــرَعُ
ذنبي عظيـــمٌ، قدرتي محــــدودةٌ
لكـنَّ لطفَــكَ بي أَجَــــلُّ وأســــــعُ