محمد الرياني
… وأذكرُ أننا في عيدنا البهيِّ ارتدينا اللونَ نفسه حتى تظهر فرحتنا مشترَكة، نتقاربُ كثيرًا في العمر وحتى في مستوى الجمال ، أتذكرُ جيدًا أنني اخترتُها بعنايةٍ حتى لاتضيع وسامتي مع واحدةٍ لاتليق بي، ابتسمتُ في وجهها وأنا أهنئها فاندهشتْ غايةَ الاندهاش، مضى زمنٌ ولا زلتُ أحتفظُ بإشراقةِ أسناني كالبناء المرصوص، قرَّبتْ مني طبَقَ الحلوياتِ لأتناولَ واحدةً مع فرحةِ العيدِ ولكنني رفضت، قلتُ لها ابتسمي كما فعلتُ أنا ولكنها رفضتْ ، خشيتْ من شيءٍ ما، قلتُ لها طرفةً لتضحكَ ففعلتْ، برزَ فمُها الجميلُ ناقصًا سنًّا، لم أُشعرها أنني رأيتُ شيئًا، جاملتُها وتناولتُ القطعةَ البيضاءَ التي تعجبني، جلسنا نمضغ سويًّا حلوى العيد، رأينا كلَّ شيءٍ يتألقُ مع الحلوى ، كان بيتنا بالفعلِ مطرزًا بالبياض، الستائر التي استبدلناها، أغطية الأسرَّةِ لاستقبال المهنئين، ملابس أطفالنا الصغار، علب الهدايا التي نوزعُ فيها فرحةَ العيد، نسينا في غمرةِ الفرحةِ أننا نلوكُ الحلوى، اعتدتُ على المحافظة على أسناني فأتجنب كلَّ حلوٍ كي لا يسكن فمي ، ولكن فرحتي بها دعتْني لفعلِ ذلك، عادتْ تسألني عن إشراقةِ ابتسامتي، قلتُ لها مازحًا هذا بفضلِ بياضِ العيد، ضحكتْ بخجلٍ لم أعهده وكأنها للتوِّ تعرفني، همستُ في أذنها وهي ملاصقةٌ لي بأني أحبُّ أسناني أكثرَ من الحلوى، قالت وأكثر مني!! بلعتُ ريقي من صدمةِ سؤالها، ابتسمتُ لها وغازلتُها وكأنني للتوُّ قد عرفتُها، قلتُ لها إلا أنتِ ، سمعنا وقتَ حوارنا العسَلي صوتَ القادمين للمعايدة، فتحتُ البابَ الأبيض، فاحتْ رائحةُ الفلِّ عندما فتحتُ شُباكَ صالةِ الاستقبال، الضيوفُ لم يتناولوا شيئًا من حلوى العيد، أخذوا حباتٍ من الفلِّ ووضعوها في جيوبهم ثم غادروا، قلتُ لها : أرأيتِ كيف فضلوا الفلَّ على الحلوى، قالت لي ابتسم، ابتسمتُ فَرَمتْ بعقدِ فلٍّ قد صنعتْه بيدها، شممتُه وعيني في عينها ثم فتحتُ لها فمي لترى روعةَ ابتسامتي من جديد .