محمد الرياني
البابُ المفتوحُ أتاحَ لبسمتِها أن ترشَّ الجوَّ الحارَّ الملتهبَ بغيمةٍ عابرةٍ جاءتْ تحت الشمس، لم يود أن يغادرَ البابَ المفتوحَ نحوَ اللهيب، تبادلا المشيَ للأمامِ والعودةَ للخلف، أقسمَ في نفسه وهو يحرِّكُ يده بحياءٍ نحوها بأن تدخلَ مخافةَ أن تصابَ بمكروهٍ على رأسها الخجل، عرفَ ذلك من عينيها الواسعتين وحُمرةِ خديها، واكتفتْ هي بنظراتِ إعجابٍ وأن يتراجعَ خطواتٍ للخلفِ حتى يبقى أكثرَ في الفَيْء، انطلقا سويًّا نحو الباب المفتوح، خرجَ وقد تكاثرَ السحابُ وتقاطرَ من كلِّ مكان، كشفَ رأسه ليرتوي وقد فقدَ معظمَ شعره، اكتفتْ هي بنظراتٍ آسرةٍ وهي تحركُ رأسَها في استدارةٍ مذهلةٍ نحوه، بقي في الممرِّ القريبِ من بوَّابةِ العلاج ، سرعانَ ماعادتْ أدراجَها تنظرُ إلى السماءِ الملبدةِ بالغيومِ وسطَ حرِّ الأرضِ الذي لايزالُ على الرغمِ من هطولِ المطر، قالت بصمتٍ إنها تريدُ العلاجَ من الضجرِ وذبذباتِ قلبِها، خافتْ أن يكونَ بها علِّةٌ في قلبها، ظلتْ تشيرُ الغمامِ بأنها بخير، مزَّقتِ الأوراقَ التي بين يديْها ويبدو أنها أوراقُ العيادة، ألقتْها على الأرضِ ليغرقَها المطر، تركها وهي ترمقه بنظراتٍ عجيبة، أشعرتْه بأنه إنسانٌ من كوكبٍ آخر يتنفسُ كأنفاسِ المطر، ويستنشقُ رذاذه، لم يُلقِ لها بالًا، مسحَ رأسَه البارد ، انقشعَ الغمامُ الذي فوق رأسيْهما، أحسَّ بعدمِ حاجتِه إلى العلاجِ الذي جلبه من الداخل، أُقفلتِ البوابةُ فجأةً على المرضى بالداخل ، هبَّتْ نسائمُ جديدة ، لا يعرفُ إلى أيِّ وُجهةٍ اتجهتْ بعدَ المطر؟ كلُّ الذي يعرفه أن حُمرةَ وجنتيها وضحكتها ذابتْ في المطر، لم يكن يومًا اعتياديًّا؛ مُجردَ سحابةٍ قادمةٍ في لهيبِ الحرِّ بدَّلتْ كلَّ شيء.