مقالات مجد الوطن

تجارب الدهر

 

تجَارِبُ الدهـــرِ قد طَــــوَّرنَ مقيــــاسي
فلمْ يخِبْ في اكتشافِ الناسِ إحساسي

طبائـــعُ النـــاسِ تبـــدو لي مبسطــــــةً
رغــــمَ التبــــاينِ في شكــلٍ وأجنـــاسِ

كأنمــا لي غـــدتْ كالشمسِ واضحــــــةٌ
في شرحِها الشعــرُ يجري جَـريِ أنفَاسِي١

لـــذاكَ مِنْ -أجلِكـــم- نُصحــاً أقــدِّمُهـــا
كمــا يقــولـــونَ: (إنَّ النــــاسَ للنــــاسِ)

فاصغَـــوا لقَولي، خُــذُوا بالشعرِ زبدتَـــهُ
قبــلَ الندامـــــةِ والتفــريــطِ واليــــأسِ

ياصَـــاحِ مهمــا تكـــنْ ذا فطنـــةٍ ويكـنْ
لديـــــكَ قلبٌ بأســـــــوارٍ وحُــــــــرَّاسِ

إحـــذرْ ثلاثــــةَ أصنــــافٍ إذا وقفـــــوا
على طريقِـــكَ، واعرضْهُــــمْ لمقــــاسي

ولا تغامــــرْ بمعــــروفٍ لَهُــــــمْ فَلَقَــــد
تجنِي بــــهِ الضُّـــرَّ من أفعــالِ أنجــاسِ

فأحمـــقُ الطبـــــعِ لا تأمـــنْ حماقتَـــــهُ
إذْ لن يفــــرِّقَ بيـــنَ الذيــــــلِ والـــرأسِ

فكيــــفَ يعـــرفُ معروفـــاً ويشكـــــــرُهُ
مَنْ عنـــدَهُ حجــــرُ الصَّــــوَّانِ كالمـــاسِ؟

أمَّــــا اللئيـــــمُ ففي أخلاقِــــــهِ صفــــةٌ
تَشِي بخبثٍ وخــــــذلانٍ وإفـــــــــــلاسِ

كقطعــــةٍ من فَــــــلاةٍ سَبخَــــةٍ٢ سُقِيَتْ
غيثـــاً فمــا أطعمَتْ أفـــــوَاهَ غُــــــرَّاسِ٣

وفاحشُ القــــولِ لا تَفخَــــرْ بصحبَتِــــهِ
فما الرَّجَـــا فيــهِ يومـــاً ينفــعُ العَـــاسِي٤

بفُحشِـــهِ قد يـــرى المعــــروفَ تَورِيَـــةً
أو فديـــةً لِتَحَـــــاشِي فعلَــــهُ القـــاسي

حَـــقَّـاً بأنَّ جَنَى٥ المعـــــروفِ تقطفُــــهُ
أيدي الكـــــــرامِ مــع شكــــــرٍ وإينَـــاسِ٦

ومثلمــا قِيــــلَ في تأكيـــــدِ ميزتِـــــــهِ:
(لن يذهبَ العـرفُ بيـــنَ اللـــهِ والنــاسِ)

لكنْ تَخَيَّـــــرْ لمَـــنْ تُعطيــــــهِ مُصطَفِيَـاَ
أكارمَ القـــومِ، تكسبْ خيـــــــرَ جُـــلَّاسِ

إنَّ الكــــرامَ قد امتــــــازوا بفطــرتِهـــم
عن غيرِهِــــم بصَفَــا عقــــلٍ وإحســـاسِ

فاللــهُ سبحانَـــــــهُ الربُّ الكريـــــمُ ومِنْ
صفاتِــــــهِ اقتبسُـــوا أنــــــوارَ نبــــراسِ

نصيحتي: أيهـا الإنســـــانُ كنْ فطنـــــــاً
ولا يغـــــــرُّكَ شيطـــــــانٌ بوَســـــــوَاسِ

قد كَرَّمَ اللـــهُ هذا الجنسَ مُــذْ سَجَــدَتْ
لـــهُ الملائِــــــكُ، فاكتُبْ بيـــن أقــــواسِ

لا يعــــرفُ اللــــــهَ إلَّا مَنْ تَفَكَّــــــــرَ في
آياتِــــــــــهِ وغــــــدا إيمانُــــــــــهُ رَاسِي٧

يرى بــــهِ كـــم وكـــم أعطــاهُ من نِعَـــمٍ
لـــم يُحْصِـها قبلَــــــهُ تدويـنُ أكيَـــــاسِ٨

أعطـــاهُ عينيــــنِ يرنُـــو منهمــا فيَــــرَى
لمعجــــــزاتٍ وآيــــــــاتٍ وأقـــــــــداسِ

فيشكـــرُ اللـــهَ بالشَّفَتَيـــنِ،ٍ يَــذكُـــــــرُهُ
إذا نســـــاهُ، فبِئسَ الغــافـــلُ النَّـــــاسِي

هــــــدَاهُ بالعقـــلِ للنجـــدينِ ثــــم بَـــرَا
لــــهُ لسانـــاً فصيحـــاً بيـــن أضـــــراسِ

فليسَ في الدِّيــنِ إكــــــراهٌ على أحــــدٍ
مـــادامَ في قلبِـــــهِ دَقَّــــاتُ أجـــــراسِ

والكـــونُ في صنعِـــــهِ آيـــاتُ خالقِـــــهِ
مسطــــورةٌ دونَ أقـــــــلامٍ وقرطـــــاسِ

والنــفسُ تفلــــحُ إنْ زَكَّى مقاصــــدَهـــا
وخـــائبٌ مَـــــنْ يُدَسِّيهَـــا بأرجــــــــاسِ

والمـــوتُ كأسٌ لكل النــاسِ قد مُــزِجَتْ
بـــــهِ المنَـــايَـا ودَارَ الشــــربُ بالكـــأسِ

فكــنْ لبيبـــاً وجَهِّـــــزْ للرحيـــــلِ فمــــا
تُجدي الحِجَا٩ بعد ضربِ الرأسِ بالفـأسِ

لا تَقـضِ عمــــرَكَ للدنيـــا فتُفسِــــدُ مـــا
شقيتَ في جمعِـــــهِ أحجــــارُ أرمَــــاسِ١٠

هنـــاكَ حتمــاً يـــذوبُ القلبُ من نَـــــدَمٍ
وتضــربُ الكـــفَّ أخمــاســـاً بأســــداسِ

وكـــنْ قنـــوعاً فنفــسُ الحُـرِّ زاهــــــــدةٌ
وماعليــكَ -وأَيــــمُ اللــــــهِ- مـن بـــــأسِ

مادمتَ للــــهِ عبـــــداً لن يصيبَــــكَ مــــا
تخشــاهُ يومــاً بفضـلِ المُطعِــمِ الكَــاسِي

والحمــدُ للـــــهِ تَـــمَّ القــــــولُ وانتظَمَتْ
بـــهِ المعـــاني التي خَبَّـــــــأتُ في رأسي

ياربِّ فاجعـــلْ مُــرادي خالصـــاً لـــــكَ لا
يشــوبُـــهُ حَـــظُّ وَســـــــوَاسٍ وخَنَّــــاسِ

واجعـــلْ ثـــوابي عليـــــهِ جنـــــــةً وأرِحْ
شعـــــورَ قلبٍ نَقِيِّ القصـــــدِ حَسَّـــــــاسِ

ولا تُسَلِّــــطْ عـلــينــا كيــــــــدَ منتقــــــمٍ
ولا عـــــــــدوٍ وغــــــــــدارٍ ودَسَّـــــــــاسِ

واجعــــلْ كرامَ الورى الأطهـــارَ أجمعَهُـــمْ
أهــلي إذا غبتُ عـــن أهلي وعـــن نَــاسي

وصَـــلِّ مــانَسنَسَتْ ريــــــحٌ على فَنَــــــنٍ١١
وفـــاحَ في الروضِ عطــــرُ الفــــلِّ والآسِ١٢

على حبيبِــــكَ هـــادينــــا ومُـــرشـــدُنــــا
مَنْ شـرعُـــــهُ للبــــرايا خيــــرُ نبـــــــراسِ
نجلاء عبدالله العريفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى