– سأتعشى على شرط أن تحدثينني عن عالم الثآليل.
– حسنا لكِ ما شئتِ.. لعله تناهى إلى مسامع حب استطلاعكِ إنه عالم مثير للاهتمام.
– لا.. فكل ما أود معرفته ينصب حول هل فعلًا لعنة النجوم تحرث الجلد و تغرس الثآليل أم هي خرافة؟
– النجوم لا لعنة لها.. سأقص عليكِ نبأ خرافة أولًا أم أنكِ تعرفينه؟
– نبأ خرافة!.. لا
– …. قيل في قديم الزمان الذي له عمرًا من الاف السنين.. إن هناك رجل يدعى خرافة، وقع أسيرًا في أيدِ جماعة من الجان بعدما خطفوه. كان ضحية أفكارهم المستميتة لإهدار دمه، وأحكامهم المترددة التي لا تصدر من قوانين وضوابط بل من الأقاويل المختلفة، فكلما كان القول أكثر إختلافًا كان الحكم صادرًا ونافذا.
ولم يذكر راوي هذه القصة سببًا لفعل الجن الذي أقدموا عليه ضد خرافة، هل كان حقدًا دفينًا أم منازلةً وحربا؟
المهم مكث خرافة حبيسًا عندهم مدة من الدهر الطويل، ولا أعلم كم بلغت، فيما كان رهط – ثلاثة – من رجال الجن مختلفين في أمره ما بين قتل وخدمة وعتق – والإختلاف عندهم أمر واقع قد كيفوا أنفسهم عليه – إلى أن صادفوا من (بني نارهم) من عرض عليهم مختلفًا عظيمًا من القول، حيث بلغ ما ندر منه حرارتهم، فلانت عقولهم وخضعت رقابهم للإقتراح الصعب الذي كان كطلب عفو لحرافة انتهى بالإفراج عنه.
أشاروا إليه ثم أسرعوا في ترحيله. ودعوه في سكون، والليل البهيم جاثم على بيته، وقد أعطوه ذكريات من حياتهم وعالمهم الخاص.
خرافة المفقود عاد، العمر يمضي وهو يكبر ولقد عوضه الناس باذان صاغية ونفوس راضية كي يبث ويفضفض لهم. لكنه أثار الكثير من الجدل؛ لأنه رجع طليق اللسان مفكوكًا رسنه.. يحكي ل(بني طينته) كل ما رأى في حياة (بني نار)، مثل: أكلهم للروث والعظام وغيرها من غريب العجائب. فيعجب من سمعها ويكذبه.
ومضت السنون، وقد أخذ خرافة ما يكفيه منهم، مرة يقبض يده وأخرى يرخيها، والعطاء العظمي يكثر مرة ومرة يقل.
ولعل أكثر ما شدني في هذه الحكاية زادهم الغير متوقع على الأقل بالنسبة لي.
وبتفاعل سريع سألت قناعة:
– ولماذا لم يأكلوا خرافة؟
ضحكت بهستيرية…..
الروح/ صفية باسودان