د . ضيف الله مهدي
السيد الهاشمي الشريف الأستاذ محمد بن علي النعمي .. يمتد به النسب الكريم حتى سيدنا أمير المؤمنين الخليفة الراشدي الرابع أبا الحسنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ورضي الله عنه وأرضاه .
والحديث عن شخصية عظيمة رائعة محبوبة كشخصية الأستاذ الشاعر الأديب الرياضي الإنسان محمد بن علي النعمي ، أمرا ليس يسيرا ، فإنك لو تحدثت عن جانب أكيد لن تتحدث عن الجانب الآخر وتوفيه حقه .
كوني من سكان محافظة بيش وطالب درست في مدارسها فقد عرفت الأستاذ محمد النعمي ، من خلال المدرسة ، كطالب يمتاز بالهدوء والتفوق ، وشاءت الأقدار أن تفرقنا حتى لم ألتق به إلا وهو معلما في مدرسة الزبير بن العوام الابتدائية ، وأنا طالب في المرحلة الثانوية ، لكنه كان في المدرسة شعلة نشاط ومحرك للجميع في المدرسة ، حكمت بهذا من خلال حضوري احتفالية للمدرسة وقد بدا بدرا غطى نوره على الجميع.
صادف أن نادي بيش الرياضي بدأت مشاركاته الرسمية في عام 1400هـ ، وكنت ضمن فريق الأشبال في النادي وقد أسند رئيس النادي آنذاك الأستاذ / حسن أبو علة ، أمر تدريب فرقة الأشبال للأستاذ / محمد النعمي ، فقام بذلك خير قيام وكان مدربا لنا وكنا نلعب مع فرق الشهيد بمحايل والتسامح بالقنفذه وغيرها من الفرق .
عندما نجحت أنا من الثانوية وذهبت أبحث عن جامعة أواصل بها دراستي ، لم أقبل في جامعة الملك عبد العزيز بجدة ، ولم أقبل بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود في أبها ، وذلك بسبب صغر سني في الوثائق الرسمية ، فأصبت بخيبة أمل وإحباط وأصبحت انطوائيا منعزلا ولم أعد أخرج من البيت.. في عصرية مباركة خرجت لألعب كرة القدم وكنت في الملعب تائه جدا ولا أستطيع عمل أي شيء بسبب التفكير في مستقبلي الذي ضاع .. جاء الأستاذ محمد النعمي وسألني : مالك ما أنت على بعضك ، فشرحت له عدم قبولي في الجامعة ، فقال : أكمل اللعب وبعدين أدلك .. بعد الانتهاء من اللعب ، قال لي : بكرة روح كلية التربية في أبها.. قلت : هو فيه كلية تربية ؟ قال : نعم ، وتتبع جامعة الرياض ، وهي كلية جديدة وإن شاء الله تقبلك وما فيها تعقيد .. ذهبت اليوم الثاني وقدمت ملفي وقبلت فحملت جميلا للأستاذ محمد النعمي لن أنساه ما بقيت أتنفس وينبض قلبي .
غبت سنوات وعدت وألتقيت مرة أخرى بالأستاذ النعمي في نادي بيش وكان هو الكابتن ولعبنا مباريات عديدة مع أندية جازان ، وكان نعم القائد والأخ والزميل .. وكان يطلب مني أن أقدم للاعبين نصائح قبل المباريات بحجة أني مختص في علم النفس .. كان كبيرا في عيني وفي قلبي ولكن كبر أكثر وأكثر بعدما أصبح هو ممن يستمع لي. الأستاذ النعمي لاعب مهاري لم تنجب بيش مثله ولن تنجب !!
وإداري محنك لن يستطيع أحد أن يصل له ، ففي فترة رئاسته للنادي أوصله للبطولات الخارجية.
أدار مدرسة بيش المتوسطة الأولى عدة سنوات ثم مدرسة بيش الثانوية الثانية وبقي بها حتى طلب التقاعد .
في نادي جازان الأدبي لا يستطيع أحد أن ينكر فضله وجهوده . التلفزيون السعودي يشهد له .. على مستوى محافظة بيش له جهوده ونشاطاته وأعماله .
وهو يمثل المنطقة سنويا في مهرجان التراث والثقافة بالجنادرية .
شاعر فحل ومتحدث لبق ، وشخصية مثقفة ورجل متزن ، ورجل إنسان ولو بقيت أتحدث سنين لما أوفيته حقه .. تمنياتي له بالصحة والعافية والسعادة الدائمة ، وأهمس في أذنه أنك تقاعدت وأصبحنا أكثر حاجة لك من ذي قبل ، لأننا نريد نستفيد من خبراتك في الحياة ، خاصة : كيف قدرت أن تجعل الجميع يحبونك ؟؟
سل الليل عن ترانيم شعري
كيف تسري تداعب اﻷحلامَ
كالتسابيح أو غناء السواقي
تذكر العهد والهوى والهياما
خطرات من الخواطر ذابت
وتسامت مع الهوى إذ تساما
قال يرثي الأستاذ مساعد بن محمد أبو طالب ، يرحمه الله :
وداعاً. أباخالد
لسْتُ أدري من الأسى ما أقولُ
مُهْجتي لوعةٌ ودمعي هَطولُ
يالهذي الحياةِ كمْ لوّعتْنا
بفراقٍ ترْتجُّ منهُ العُقولُ
يا أبا خالدٍ طوتْكَ. المنايا
فانطوى بَعْدكَ الزمانُ الجميلُ
لِمَ فارقْتَنا بغير. وداعٍ
وارتضيتَ الرحيلَ وهو مهولُ
لِمَ ألبستَنا من الحُرنِ ثوباً
ليس يَبْلى ، ولوعةً ما تزولُ
يا بنَ بنتِ النبيِّ والموتُ حَقٌ
ما لنا عنْ حِياضهِ تحْويلُ
غِيرَ أنّ الفراق َ هزَّ كياني
وغشاني من المُصابِ الذهُولُ
يا أبا خالدٍ بكتكَ الغوادي
وبكتْ بيش أهْلُها والحقولُ
مُذْ نعتكَ الأخبارُ والقلبُ دام ٍ
وفَمُ الصّبرِ. حَسْرةٌ وعَويلُ
جفّ دمعُ البُكاْ وما جفّ حُزْني
واصطباري على الفراقِ قليلُ
يا أبا خالدٍ إذا الدارُ شطّتْ
وافْترقنا فحبْلُنا موصُولُ
كيف انساكَ والوفاءُ صبيُّ
لمْ يشبْ في دمي وشابَ الجفيلُ
كيف انساكَ والليالي ثكالى
دونَ رؤْ ياكَ ، والجراحُ مَهيلُ
كيف أنساكَ يانديمَ الليالي
والصفيّ الذي بهِ استطيلُ
كنتَ فينا للمكْرُ ماتِ سماءً
لا تُجارى وحيثُ مِلْتَ تَميلُ
ولمنْ رامَ للوفاءِ دليلاً
يتراءى فمنْ سِواكَ الدليلُ
كنت عَفّاً لا يُرْتجى منهُ ردْحٌ
غيرَ ورْدِ الكلامِ في ما يقولُ
كنتَ بحراً إذا جزرتَ كريماً
وإذا ما مددتَ أغْنى البخيلُ
يا أبا خالدٍ سَلامٌ. عليكَ
ما تَعالى التّكبيرُ والتّهليلُ
أنتَ في ذمّةِ الكريمِ وطوبى
للذي في حِمى الكريمِ نزيلُ
تمنياتي له بالصحة والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة .