محمد الرياني
كأنه فهمَ من أنَّ القطةَ تقولُ للقطِّ بصوتٍ ناعم : الإفطارُ اليومَ في دار…. وأشارتْ بذيلها نحو الدار، أصدرَ القطُ مواءً وأخرجَ لسانه وقفزَ نحوها يريد لحظةً حميميةً في الصباحِ الباكر ، ردَّتْ عليه بمواءٍ عنيفٍ وأنشبتْ مخالبَ يمناها في وجهه، قالت ياغبي ليس هذا وقته الآن، نحن جياعٌ وبعد ذلك نتفرغ للدلال، ردَّ عليه صاحبه :وهل تعرفُ كلامَ القطط؟ أنا فهمتُ من حركةِ القطَّين غيرَ ذلك، لقد رأيتهما خارجيْن من دار بائعِ السمكِ وفي فمِ كلِّ واحدٍ منهما رأسَ سمكةٍ ومع هذا فهما سعيدين كما رأيت، ولا أرى مايدل على جوعهما، ردَّ عليه : دعهما وشأنهما يبدو أن صباحهما أفضلُ من صباحنا فهما في غايةِ الرومانسية على الرغم من الدماءِ التي خرجتْ من وجهِ القطِّ بعد لطمةِ القطة له، ياصديقي ” مَنْ حَبَّك سبَّك” كما يقولون، الآن دعنا نذهب إلى المطعمِ لنطردَ جُوعَ الصباح، نظرَ في وجهِ صديقه، وبيتُك ألا يوجد فيه إفطارٌ لنتناوله عندك! تنهد وقال : سأعزمك على حسابي وإلا سترى مالايرضيك وسكت، ذهبا إلى المطعمِ الذي اشتهر بطهي السمكِ في الصباح، طلبا مايسدُّ اثنين، بدأ يأكلان ورائحةُ السمكِ تفوحُ في كل مكان، فجأةً ارتفعَ صوتُ قطَّين يتصارعان على رأسِ سمكةٍ تحت إحدى الطاولات المخصصةِ للنزلاء، اختنقَ القطُّ الآخرُ من حدَّةِ الصراع وقد نشبتْ في فمه شوكة، هرعا لنهرهما وفظِّ النزاع ، هرب القطان وصوتُ محاولاتِ إخراجِ القطِ للشوكةِ من فمه لايزال قائمًا، أخيرًا تنفس الصعداء، عاد الاثنان إلى الطاولة لإكمالِ إفطارهما، شعرا بحركةٍ خفيفةٍ تحت مقعديهما، ارتفع صوتُ المواء، عرفا أن القطين بحاجةٍ إلى مزيدٍ من السمك، قاما لغسل أيديهما وتركِ المكانِ للصراعِ الحيواني الأليف ، قال لصاحبه عند المغسلة : تُرى هل القطان يتصارعان من الجوع أو من الحب ؟ أجابه الآخر: نحن لانفهم لغة الحبِّ عندهما ، دعهما يأكلان بقيةَ السمكِ الذي تركناه، شمَّ كلُّ واحدٍ رائحةَ كفيْه وهو يزمُّ شفتيه من الرائحة الكريهة، قطفا أوراقًا من شجرِ الحديقةِ المجاورةِ ليزيلا بها بقايا الرائحة، عاد الصراعُ في المطعمِ بين القطِّ والقِطة ، قال لصاحبه : دعهما وانتظر صراعـًا ينتظرك إذا عُدتَ، شمَّ رائحةَ يده، قال أُبشِّركَ ياصديقي بأنَّ رائحةَ كفي من أوراقِ الشجرِ تفوحُ عطرًا، استروح – أنت – رائحةَ كفِّكَ لتتأكدَ قبل أن تعودَ إلى دارك.