مقالات مجد الوطن

الجزء ٣٤ روايتي: شرارة وبناتها حرائق!!

 

في الساعة الرابعة من فجر يوم السبت ٥/٣/١٤٤ فتحت الجوال فإذ به مكدس رسائل على السناب شات ما بين مصورة وكتابية كأن حروفها تصرخ بأعلى صوت وبكل قوة تحفز وفي ذات الوقت تطلب النجدة!
“هذه من تظن نفسها.. انها دكتورة تجلب المرض.. لا أسلوب لها يبدو وكأني في كابوس مزعج.. رحماك يا رب رحماك..
كنت أتوق شوقًا إلى حدوث ردة فعل يصدرها قلمك، لكن لا شيء بيد أن الصمت الممل يقتل النفس ببطء!
كل ما أود أخباركِ به وبشكل جيد صورته لكِ؛ لذا يتعين عليكِ أن تنظري لِمَ كتبت وتردي عليها الرد الذي يشفي الغليل.. مع تحياتي/ قناعة”.
وعند نهاية الرسائل احتسيت قهوتي السوداء المُرة ونظرت بتركيز عبر الشاشة الصغيرة إلى صورة مقالة للدكتورة (كعشوشة). كانت مقالة احتكاكية ذات شحنات سمعية التقطت ما جذبت واحتفظت به في كهربائية ساكنة إلى أن تمت لها القدرة على إفراغها كرأي احادي متناقض. ولعل أكثر ما أثار حفيظتي كلمات (قناعة) في احدى رسائلها الواردة والتي تنص على:
“يا له من موضوع صحي ممتاز .. أن تهاجم من يهاجمك.. لا تسكتين على من يسعى جاهدًا لكسر قلمكِ وطمس فكرك أو سرقته.. أليس هذا النقد تعرضتِ له من قبل مدير صحيفتكِ السابقة تحت مظلة تبريرية للتنشئة والتأهيل والبناء؟ المدهش إنه لم يدخل عالم القص إلا من قريب! دعي يراعكِ يزمجر وهو يبصر أحلامه واقعًا في عالمه اللامحدود”.
وحتى لا ينفصل قلمي عن السرب غرد بسنته النشطة، خط، في الحروف الجرئية فكر يجدف بنا نحو أمل بعيد أو حلم زاهر أو مقترح واعد لواقع جميل. تصل أقدامنا العارية إليه وهي حاملة نفوس مرحة راضية، تقبلها الرمل الدافئة والشمس تداعبها ضاحكة مستبشرة.. وعلى هذا الفكر نعيش عمرًا جديدًا مديدًا مستفيدين من الرأس الذي كان يحتويه ويحمله فنحمده ونشكره ونقبله. لكن الرأس “الكعشوش” دومًا يسجل ما يسمعه فتكشف سطوره عالم الاغتراب الذي حشا نفسه فيه.
هذه النفس التي أثقلها مرض العظمة المتضخم ما بين ظنون تراودها ووحدة مكبلة بألم السيطرة ووسواس لا يكف ولا يستريح حتى يبخ سمومه عليها، فتقوم بالهجوم على من سقاها الشهد واهداها الورد وتتهمه بمرض جديد من ابتكاراتها الاستكشافية الغير فكرية هو مرض اللحمة أما الشحم والجلد فمتروكة كي تتقلب على صفيح حار من الأوهام.
لم تلحظ (قناعة) مقالة الدكتورة “كعشوشة” انتهت من حيث بدأت.. من العنوان ودعونا نسميه (صفحة ونصف) وكأني اتخيل اليد التي دونته تهتز ولم تربت أرضها لإنها لم تجد سقي الحرث. فعلى امتداد المقدمة واللب ضاقت الصفحة الإلكترونية فخرجت الخاتمة مربوطة مقحمة سطورها على العنوان بنية ظاهرة وتضمر بينها حروفًا جافة متقطعة.

الروح/ صفية باسودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى