محمد الرياني
“نوف” تنتظر بمعطف أبيض ، لاتريد للداء العضال أن يُحرَمَ الرُّضعُ حليبهم ؛ ولا النساءُ متعةَ الحياة؛ تجلس وحولها كلمات مرصوصةٌ تمتلئ بالحب والمودة في حملةِ شهر أكتوبر من أجلِ الكشفِ المبكرِ عن سرطان الثدي ، تدعو نساء بلدها بأن يأتين لأخذِ صورة ، صورةٍ مختلفةٍ ليس للزينة والتذكار ، بل صورةِ تشخيصٍ بالماموغرام من أجل الاطمئنانِ واجتيازِ حالات القلق، “نوف” تجيد الحديث عن حالات الإصابة المتوقعة ؛ فهي تدعو لأن تكون البناتُ في مأمن ، لسانُ حالها يدعو لأخذ الحيطة فشعارها “الوقاية خيرٌ من العلاج” لابد أن تبقى الصدورُ الدافئةُ حضنُ أمانٍ وحصنُ عافيةٍ للصغار الذين يرضعون الحياة ومن تحمل هذا الحضن والحصن، “نوف الحكمي” وجهٌ من وجوهِ الصحةِ المشرقة، تسطعُ في مستشفى جازان العام مع جنودِ الصحةِ من رجالٍ ونساء ، رأيتُها وأنا في محطةِ انتظار ، دعاني الفضولُ لأسألها عن سرِّ جلوسها في حالةٍ من الترقُّبِ والانتظار، قالت: إنها تحمل رسالةَ توعيةٍ في أكتوبر من أجلِ النساءِ من أجلِ التوعيةِ بسرطانِ الثدي، زالت عني حالةُ الانتظارِ التي عادةً ماتؤرقني وبقيتُ أستمعُ لنوف وهي تتحدثُ عن هذه الحملةِ وعن جهازِ الفحصِ المبكرِ وأهميته، عدتُ في يومٍ آخرَ وفي محطةِ انتظارٍ أخرى فوجدتُها وزملاءَها وزميلاتِها في هذه المهمةِ الإنسانيةِ ومهماتٍ متعددةٍ من أجلِ حياةٍ أفضلَ ووعيٍ أحسن كي لايكون داءُ الثدي بُعبعًا يهددُ بصمتٍ ودون كشفٍ مبكرٍ بناتِ المجتمع ، “نوف” تحث النساءَ على التقدمِ دون وجلٍ من أجلِ الكشفِ وطردِ هاجسِ الخوفِ من جهاز كي بينعمنَ بالعافية، هي ترددُ دائمًا بأنها تعملُ واجبًا وطنيًّا ليس أكثر، أكبرتُ فيها هذا الشعورَ الوطنيَّ نحو وطنها وأهله وتعزيز ثقافة الصحة، “نوف الحكمي” إحدى بناتِ هذا الوطن وجدتْ في عملها فرصةً كبرى لخدمةِ الوطنِ في مواجهةِ التحدياتِ ومخاطرِ الأمراضِ التي لن تكون مستعصيةً بإذن الله في وجودِ مَنْ هم على شاكلتِها من المخلصين .