مقالات مجد الوطن

إحساس

 

محمد الرياني

استقبلا الشمسَ يرصدان من سطورِها وصفةَ الأمل، قالت له: لقد سلكتَ طريقًا مختلفًا اليوم، هذا الطريقُ باتجاهِ الشمس، سحبَ من دُرجِ السيارةِ العلوي نظارتَه الشمسيةَ الأنيقة، قال لها ضعيها على وجهكِ من الشمسِ لو أحببتِ ، كانت تئنُّ من الألمِ وتضحكُ من حالةِ مزاجه التي تشبهُ رائحةَ الصباح، كانا في أولِ الصباحِ ولكنَّ الشمسَ تبدو قريبةً جدًّا منهما، مساحةُ دائرةِ وجهه تطابقُ استدارةَ وجهها وكأنهما خُلقا لبعضهما ، حالةُ الانسجامِ بينهما فريدةٌ من نوعها حتى في حالةِ الاختلافِ والاتفاق، وضعتِ النظارةَ على وجهها وأظهرتْ ابتسامةً ساحرة، قالت له ياخائن منذُ متى وأنتَ تخبئ هذه النظارةَ السحريةَ عني، ذهبتُ معك كثيرًا واليومَ اخترتَ طريقًا مختلفًا نحوَ الشمسِ وكأنكَ تريدُ أن تُظهرها ، في كلِّ مرةٍ تبرزُ الشمسُ باردةً لأننا في الربيعِ أو مع الأصيلِ واليومَ الوضعُ كما ترى ، قال لها هي لكِ لن أرتديها مستقبلًا ، مالا في سيْرهما نحوَ اليمين وغابتِ الشمسُ مع دورانهما، بقيتِ النظارةُ الشمسيةُ على وجهها، أرادتْ أن تزيلها عن وجهها فوضعَ يدَه على يدِها وواصلا السير ، سألها هل تشعرينَ بالصداع؟ ابتسمتْ برقَّةٍ متناهيةٍ وقالت لا ، يبدو أنَّ السرَّ في ظهور هاتين الزجاجتين الفاتنتين، ابتسمَ لها وهو سعيدٌ لأنَّ الشمسَ كشفتْ عن أشياءَ مستترة، أغمضَ عينيه وهو يقرأُ في ملامحِها بعضَ الكلماتِ التي نسجتْها خيوطُ الصباحِ وهما في أوَّلِ اليوم، لم تقل له إنها تحبه جدًّا، قالت : إنها تحبُّ النظارةَ الشمسيَّةَ بعنف ، قالتْها وهي تتحسسُ ملمسَ الزجاجِ الأسودِ؛ رمقَها بنظرةٍ قائلًا : عن جدٍّ ياعزيزتي، توقفَ عن السيرِ وطلبَ منها النزول، لقد وصلْنا إلى وُجهتِنا، هل بقيَ شيءٌ من الألم؟ بدتْ في غايةِ أناقتِها وقد أخفتْ عيونَها من الشمسِ لترى ظلالَ الأشياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى